كتب السحر والطلاسم

 

كتب السحر والطلاسم

تاريخ السحر

تاريخ السحر يمتد عبر العصور والثقافات، حيث لعب السحر دورًا بارزًا في حياة العديد من الأمم القديمة. في الحضارات المصرية والبابلية، كان السحر يُعتبر علماً مهماً، يتداخل مع الطب والدين، وكان السحرة يمارسون طقوسًا معقدة بهدف التأثير على القوى الطبيعية أو الروحية. في العصور الوسطى الأوروبية، ارتبط السحر بالشعوذة والخرافات، وأدى إلى محاكمات الساحرات التي شهدت اضطهادًا واسع النطاق. في تلك الفترة، كان يُعتقد أن السحرة يتعاونون مع الشياطين لتحقيق أغراضهم. في الإسلام، حُرّم السحر بشدة، واعتُبر كفرًا وشركًا بالله. القرآن الكريم والسنة النبوية تحدثا عن السحر وأضراره، وبيّنا أن اللجوء إلى السحر وأهله يُعد من الكبائر. عبر التاريخ، تطورت نظرة الإنسان للسحر، وتحولت من اعتقاد في قوى خارقة إلى فهم أعمق للظواهر النفسية والطبيعية، مما أسهم في تقليص تأثير السحر في المجتمعات الحديثة.
إن الشريعة الإسلامية الغرّاء، وهي خاتمة الشرائع السماوية، لم تترك الناس يتخبطون في ظلمات الجهل والخرافات، خاصة في مسائل خطيرة كالسحر. فقد كان السحر ظاهرة متجذرة في تاريخ كثير من الأمم السابقة، حيث كان يستخدم بشكل غير مشروع لمزاحمة دعوات الأنبياء ورسالهم. وقد بلغ الأمر ببعض الأقوام، مثل اليهود، إلى حد ادعائهم أن السحر كان جزءاً من رسالة نبي الله سليمان عليه السلام. فقد زعموا زوراً وبهتاناً أن سليمان كان ساحراً وأنه استخدم السحر لتوطيد ملكه وبسط نفوذه على الجن والطير والحديد والرياح. هذا الادعاء الباطل استُخدم لتبرير تعلم السحر وتعليمه والعمل به، وليس غريباً عن قوم لم يتركوا نقيصة إلا وألصقوها بأنبياء الله، ليتسنى لهم بذلك استباحة المعاصي ونشر الفساد.

صعق دعاة الشرك بالنصوص القرانية

في مواجهة هذه الادعاءات الباطلة، نزلت الآيات القرآنية كالصواعق تحرق أباطيلهم وتعيد الأمور إلى نصابها، داعيةً إياهم للعودة إلى رشدهم وإدراك مغبة افترائهم. فالآيات القرآنية جاءت لتؤكد أن السحر ليس إلا كيداً باطلاً ووهمًا مموّهًا لا يمت للحق بصلة، ولتحث الناس على اختيار الحق والثبات عليه بدلاً من التعلق بالسحر وحطام الدنيا الزائل. 
لقد حفل القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بالعديد من النصوص التي بيّنت بوضوح منشأ علم السحر والفترة التي اشتهر فيها، والقوم الذين تولوا تعلّمه وتعليمه والعمل به. كما أوضحت هذه النصوص مدى افتتان الناس، من إنس وجن، بالسحر، وكيف أنه كان مصدر فتن وضلال كبير. ومن خلال هذه النصوص، بيّن الله تعالى حقيقة السحر وغاية تأثيره وإمكان إبطاله، مؤكداً أنه لا يعدو كونه كيداً زائفاً ووهمًا باطلاً لا يمت للواقع والحق بصلة.
السحر في حقيقته ليس إلا مزيجاً من الحيل والخداع البصري والتلاعب بالعقول، ولا يمكن أن يكون له تأثير حقيقي يتجاوز ذلك. ولذلك، شددت الشريعة الإسلامية على ضرورة تجنب السحر بجميع أشكاله وصوره، وحذرت من الوقوع في شركه أو التورط في تعلمه أو تعليمه، لما في ذلك من تضليل للناس وإفساد لعقائدهم.
كما دعت الشريعة الإسلامية إلى اللجوء إلى الله والتوكل عليه في مواجهة السحر وأهله، مؤكدة أن الله سبحانه وتعالى هو الحافظ والمعين، وأنه لا شيء يمكن أن يصيب الإنسان إلا بإذنه. وقد أرشد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- المسلمين إلى استخدام الرقية الشرعية والأدعية المأثورة من الكتاب والسنة كوسيلة للتخلص من تأثير السحر والحماية منه.
تُظهر تعاليم الإسلام بوضوح موقفها الحازم من السحر والسحرة، وتدعو المسلمين إلى الابتعاد عن كل ما يخالف شرع الله، والتمسك بتعاليم الدين الحنيف، والثقة بأن الله هو الحق المبين، وهو القادر على إبطال كيد السحرة والمشعوذين.
إنَّ من الأمور التي تستهوينا بشدة وتثير رغبتنا القوية هي معرفة الغيب وما يحتويه من أسرار مخزونة وعلوم مكنونة. تسعى النفس جاهدة لاكتشاف معالم هذا العالم المستور بكل وسيلة متاحة، فتتنوع المسالك التي تسلكها في هذا السبيل. أحياناً تعتمد على الحدس، وأحياناً أخرى على الكهانة والعرافة والتنجيم، وأحياناً تلجأ إلى السحر والتسخير.
تجد أن بعض النفوس تندفع في هذا الاتجاه بشكل كبير حتى أنها تستخف بعقول أهلها وتدفعهم للبحث عن الغيب بطرق غير تقليدية مثل قراءة الكف.
إن هذا الشغف بمعرفة المجهول يعبر عن توق الإنسان إلى فهم ما وراء الواقع المادي، ومحاولته لكشف الستار عن المستقبل وما يحمله من أحداث. ومع ذلك، يجب التنبيه إلى أن السعي وراء هذه الوسائل الغامضة قد يؤدي إلى الانحراف عن الطريق السليم والعقلاني، ويستغل أحياناً ضعف الناس ورغبتهم في الاطمئنان على المستقبل.
وبالتالي، يتعين علينا أن نكون حذرين في تعاملنا مع هذه الأساليب، وأن نعتمد على العلم والمعرفة المؤكدة، ونبتعد عن الخرافات والوسائل غير المشروعة التي قد تضللنا وتوقعنا في براثن الجهل والخداع. علينا أن نتذكر دائماً أن الغيب بيد الله وحده، وأن الإيمان والثقة بالله هي السبيل الأصدق لتحقيق السكينة والاطمئنان.

في عهد سليمان عليه السلام

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء، فإذا سمع أحدهم كلمة حق، أضاف إليها ألف كذبة. هذه الأكاذيب المختلطة بالحق تسربت إلى قلوب الناس واتخذوها مصادر للمعرفة. حينما أطلع الله نبيّه سليمان بن داود عليه السلام على هذا الأمر، قام سليمان بجمع هذه الأكاذيب ودفنها تحت كرسيّه، لمنع انتشارها وإبطال تأثيرها.
بعد وفاة سليمان عليه السلام، ظهر شيطان على الطريق وأعلن للناس: "ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا مثيل له؟" فاستجابوا له وقالوا: "نعم". فدلّهم الشيطان على مكان الدفن، وعندما استخرجوا ما دُفن، وجدوا أنه سحر. بدأت الأمم تتناقل هذا السحر وتستخدمه، مما أدى إلى انتشار السحر بشكل واسع بين الناس.
لإزالة هذا اللبس وتبرئة سليمان عليه السلام، أنزل الله تعالى آيات في القرآن الكريم توضح الحقيقة وتكشف الافتراء، كما جاء في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ...} [البقرة: 102].
هذه الآيات جاءت لتؤكد أن سليمان عليه السلام لم يكن ساحرًا، بل كانت الشياطين هي التي كفرت بنشرها وتعليمها السحر للناس. فالله سبحانه وتعالى برّأ سليمان من تهمة السحر، وأوضح أن السحر هو من عمل الشياطين الذين يسعون دائمًا لإضلال البشر.
هذه القصة تسلط الضوء على خطورة الأكاذيب والشائعات وكيف يمكن أن تتحول إلى "حقائق" في عيون الناس إذا لم يتم التصدي لها. كما تبين أهمية الرسالة الإلهية في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتقديم الحقيقة، وتوضيح أن السحر لا يعدو كونه ضلالًا وكفرًا يأتي من الشياطين. 
ويعكس هذا أيضًا حكمة سليمان عليه السلام في محاربة الفساد والسحر من خلال دفن الأكاذيب والعلوم الزائفة. ومع ذلك، فإن حب البشر للكنوز والأسرار المخبأة يمكن أن يدفعهم إلى تصديق الشائعات والافتراءات، كما حدث بعد وفاة سليمان عندما أخرج الناس السحر المدفون واتخذوه كنزًا.
هذه الحادثة تُظهر أيضًا كيف يمكن للشياطين أن يستغلوا ضعف البشر وحبهم للغموض والمعرفة المجهولة لتحقيق أهدافهم الخبيثة. ومن هنا تأتي أهمية التمسك بالتعاليم الإلهية واللجوء إلى الله في كل أمر، لتجنب الوقوع في فخاخ الشياطين والخرافات.
إن القرآن الكريم، بآياته الحكيمة، جاء ليعيد الحق إلى نصابه ويزيل اللبس والافتراءات عن الأنبياء الكرام، مؤكدًا أن تعاليم الله هي الطريق الوحيد للحق والنجاة من الضلالات.

كلمة الطَلِسْم ماذا تعني ؟

الطَلِسْم، أو الطِّلَّسْم، والشائع في نطقه طَلْسَم، بوزن جعفر، يشير إلى الخطوط المجهولة المعاني، وكذلك كل كلام أعجمي غير مفهوم. يعتبر السحرة الطلسمات وسيلة لتأثير النفوس البشرية في عالم العناصر، بشرط استعانة هذه النفوس بالأمور السماوية. يدعون أن الطلسمات تحدث تأثيرات خارقة تعتمد على القوى السماوية الفعّالة، وعند مزجها بالقوى الأرضية المنفعلة، تظهر أمور غريبة وآثار مخصوصة.
الطلسمات هي رموز وأحرف وأرقام يكتبها الساحر بتوجيه من شيطانه، وتتضمن عادةً حروفًا وأعدادًا يدعي الساحر أنها تتأثر بروحانية الكواكب وما يقابلها من أسرار الحروف وخفايا ترتيب الأعداد. يعتقد السحرة أن هذه الطلسمات تجمع بين تأثير القوى السماوية والأرضية، مما يؤدي إلى إحداث تأثيرات خارقة للطبيعة. يربط السحرة بين هذه الرموز وبين خواص العناصر والموجودات، مدعين أن ذلك يحدث تأثيرات خاصة وخارقة.
تعتبر الطلسمات جزءًا من التراث السحري والتنجيمي الذي يمزج بين المعتقدات القديمة في قوى الكواكب والعناصر الطبيعية. يُعتقد أن كتابة الطلسم تتطلب معرفة عميقة بالأبراج والكواكب والأعداد، وأن هذه المعرفة تُمكن الساحر من استحضار قوى غير مرئية لتحقيق أغراض معينة. على الرغم من أن الطلسمات تبدو غامضة ومعقدة، إلا أنها تعكس مدى تعقيد وتداخل المفاهيم السحرية والتنجيمية في الثقافات القديمة.
في المجمل، الطلسمات تمثل جانبًا من الممارسات السحرية التي تعتمد على الرموز الغامضة والاعتقاد بتأثير القوى الكونية على الحياة البشرية. وعلى الرغم من أن هذه الممارسات قد تبدو غريبة وغير علمية في العصر الحديث، إلا أنها كانت جزءًا من محاولات الإنسان لفهم القوى الخارقة والسيطرة عليها. تظل الطلسمات رمزًا للتجربة الإنسانية في السعي وراء السيطرة على الطبيعة والمجهول، وتمثل جانبًا من التاريخ الثقافي للبشرية الذي يجمع بين العلم والسحر والمعتقدات الدينية.

نفاثات في العقد

النَّفْث في العُقد هو نفخ يصاحبه ريق خفيف، يقوم به السحرة من رجال ونساء، حيث ينفثون في عقدة أو أكثر من عُقَد الخيوط عند ممارسة السحر. غالبًا ما تكون السواحر النساء هن الأكثر ممارسة لهذا النوع من السحر، خاصة خلال فترة الطمث (المحيض)، حيث يعقدن الخيوط وينفثن فيها لتحقيق تأثيرات سحرية.
قال تعالى في سورة الفلق، الآية 4: {وَمِنْ شَرِّ النَفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ *}. وقد فسر العلماء أن "النفاثات" هنا تشير إلى الأرواح والنفوس الشريرة، حيث أن تأثير السحر ينبع من تلك الأنفس الخبيثة والأرواح الشريرة، وسلطان السحر يظهر من خلالها. لذا، جاء ذكر النفاثات بصيغة التأنيث للدلالة على هذه الأنفس الشريرة، والله أعلم.
وفي الحديث الشريف: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ». يشير هذا الحديث إلى أن من يعقد عقدة وينفث فيها فقد مارس السحر، ومن مارس السحر فقد أشرك، ومن تعلق بشيء وكله الله إليه.
والنفث في العُقد من السحرة وأهل الباطل هو المذموم، لكن لا يعني ذلك ذم النفث بشكل مطلق، فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة استخدام النفث في الرقية الشرعية. فالنفث في الرقية يعد من الأساليب المشروعة والمستحبة في الإسلام، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه بالنفث، مما يدل على جوازه في الطاعات والمحافظة على الصحة النفسية والجسدية للمسلمين.
لذا، يجب التمييز بين النفث المستخدم في السحر والنفث المشروع في الرقية، إذ أن الأول مذموم ويؤدي إلى الشرك، بينما الثاني محمود وله أثر إيجابي في الشفاء والوقاية من الشرور.

علم التنجيم

التنجيم هو علم يدعي الاستدلال على الحوادث الأرضية من خلال الأحوال الفلكية، والتمزيج بين القوى الفلكية والقوابل الأرضية. يظهر هذا العلم وكأنه بعيد عن السحر، وقد يبدو مرتبطًا بالكهانة أو العرافة. يدعي المنجّمون أنهم يستدلون بالتشكيلات الفلكية وأوضاع الكواكب على الحوادث الكونية مثل الخسوف، القحط، الفيضانات، أو الحروب.
لكن، في واقع الأمر، يتعدى المنجمون ذلك إلى التنبؤ بحياة الأفراد، مدعين أن حركة الكواكب تؤثر بشكل مباشر على حظوظ وشؤم الناس. يزعم المنجمون أن للكواكب تأثيرًا بذواتها على حسن طالع المرء أو شؤمه، ويعتمدون في ذلك على جداول دقيقة تحسب حروف الاسم، واسم الأم، وتوقيت ومكان الولادة. يستخدمون حساب الجُمّل الكبير لإسقاط عدد معين من الجمع، ومن خلال ما يتبقى، ينسبون صاحب الاسم إلى أحد الأبراج الاثني عشر - من الحمل إلى الحوت.
يدعي المنجمون بعد ذلك أن طالع المرء يعتمد على الكواكب السبعة السيارة، ويحددون بناءً على ذلك السعادة أو النحس، الطباع، والمزاج. ولكن في الواقع، ما يقوم به المنجمون هو تلاعب بوحي من شياطينهم. تجد كثيرًا من الناس يسارعون إلى المنجمين، وقد يغير أحدهم اسمه أو يفترق عن زوجه بناءً على توقعات الكواكب. مثلاً، قد يقال إن أحد الزوجين ناري والآخر مائي، أو هوائي وزوجه ترابي، أو أن أحدهم لن ينجب لأن زوجه عاقر - بحكم الكواكب.
تلك التنبؤات قد تقود إلى تغييرات حياتية كبيرة بناءً على تخرصات المنجمين، مما يضر بمصائر الناس. المنجم يدعي العلم بما لا يعلمه إلا الله، متجاوزًا دور المَلَك الموكّل بكتابة الرزق والأجل والعمل والشقاوة أو السعادة للجنين، وفق ما يشاء الله سبحانه وتعالى. فهؤلاء الدجالون يتلاعبون بمصائر الناس بأكاذيبهم وخرافاتهم، بعيدًا عن الحقيقة والإيمان.

الرقى المحرمة

الرقى هي تعاويذ تستخدم لمعالجة أو حماية من الأمراض أو الأذى، لكنني أشير هنا إلى نوع خاص من الرقى الممنوعة، مثل رقى الجاهلية ورقى الهند والفارسية، والتي غالبًا ما تحتوي على طلاسم واستعانة بمخلوقات وقد تصل إلى حد الكفر. علم الرقى هذا يبحث في أفعال محددة تؤدي إلى تأثيرات معينة بفضل خصائصها الفريدة، مثل عقد الخيوط والشعر وغيرها. تُسمى هذه الرقى بهذا الاسم لأنها تُستخرج من صدر الراقي، ويزعمون أنها كُشِفت من الجن أو سُمِعت في المنام. 
ارتباط هذا العلم بالسحر واضح، حيث يشمل عقدًا وتعويذات تحتوي غالبًا على كلمات كفرية أو استعانة بمخلوقات، مما يسخّر شيطان الساحر لخدمته في إيقاع الأذى بالآخرين. هذا النوع من الرقى يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي، حيث يعتمد على قوى خارجية ويشمل كلمات وأفعال تتعارض مع التوحيد والإيمان بالله.
الرقى المشروعة هي تلك التي تتضمن دعاء الله وأسمائه الحسنى وآيات القرآن الكريم، حيث يعتمد المسلم في علاج نفسه أو حماية نفسه على الله وحده، بعيدًا عن أي نوع من الشرك أو الاستعانة بغيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا" (رواه مسلم).
لذلك، يجب على المسلمين التفريق بين الرقى المشروعة والممنوعة، والابتعاد عن كل ما يحتوي على طلاسم أو كلمات كفرية أو استعانة بغير الله. الالتزام بالرقى المشروعة يضمن الحفاظ على العقيدة السليمة والاعتماد الكامل على الله في كل الأمور.

ضرب الرمل

الخط بالرمل، أو الخط والضرب كما يُعرف، يمثل طريقة قديمة للتنبؤ والتنجيم. يقوم الخاطّ برسم خطوط عديدة على سطح ناعم، بسرعة وخفة، دون تحديد عددها، ثم يقوم بمحو بعضها بعد ذلك بطريقة متعمدة. إذا بقي عدد معين من الخطوط بعد المحو، فإن ذلك يُعتبر إشارة إيجابية إلى النجاح، أما إذا بقي خط واحد فهو دليل على الفشل والخيبة.
يربط الناس في تلك العصور القديمة بين الخط بالرمل والتوقعات المستقبلية، ولكن يُنظر إليها اليوم بنظرة سلبية نظرًا لاعتمادها على الاعتقادات السحرية والشعوذة. ففي هذه الممارسة، يتم تكسير طبيعة الفطرة بالاعتقاد بأن الله يشارك في معرفة الغيب، وأن أفعال الأشخاص تقوم بتنفيذها بالاعتماد على الشياطين وتحقيقها بالاعتماد على الشرك والمحرمات، مما يؤدي إلى عبادة لغير الله.
ومن المهم أن نفهم الفرق بين الخط بالرمل والضرب عليه، حيث يتضمن الخط رسمًا ومحوًا، بينما يتضمن الضرب رسم مجموعة من الخطوط المحيطة بنقاط تمثل الطبيعة الأربعة، ويُستخرج منها توجيهات عن شخص ما باستخدام حساب الجمل.
يجدر بنا أن نذكر الحديث الذي جاء في صحيح مسلم، حيث تحدث معاوية بن الحكم السلمي عن الخط، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى وجود نبي قديم كان يمارس هذه الممارسة، ومن يجدها متطابقة مع خطها فهو الصواب في ذلك.

الاستحضار او الاستنزال

هما وجهان لعملة واحدة وهو نوع من أنواع الاستعانة الشركية التي يمارسها السحرة أو العرّافون، ويعني استنزال الأرواح في قوالب الأشباح، أي ادعاء حلول روح في جسم مادي. وتنقسم هذه الممارسة إلى نوعين رئيسيين. النوع الأول يتمثل في ادعاء استنزال روح من أرواح الملائكة، حيث يزعم الساحر أو العرّاف أن بإمكانه استدعاء روح ملائكية لتحل في جسم مادي وتوفر له معرفة أو معلومات غير معروفة. هذا النوع يعتبر شركًا عظيمًا، لأنه يتضمن ادعاء القدرة على التحكم في أرواح الملائكة، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع تعاليم الإسلام التي تؤكد أن الملائكة عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
النوع الثاني من الاستحضار يتضمن طلب تلبُّس جني بجسد إنسي، حيث يدعي الساحر أو العرّاف أن بإمكانه دعوة جني ليحل في جسد إنسان ويوفر معلومات غير معروفة أو يغيبها. هذا النوع من الاستحضار يستخدم غالبًا للكشف عن أمور مغيبة مثل أسماء الأشخاص أو أحداث مستقبلية. وتعد هذه الممارسة من أخطر أنواع السحر لأنها تتضمن التعامل المباشر مع الجن، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية وجسدية خطيرة على الشخص المستحضر به الجني، إضافة إلى ما فيها من الشرك بالله والابتعاد عن تعاليم الدين الإسلامي.
كلا النوعين من الاستحضار محرم بشكل قاطع في الإسلام، لأنه يتضمن ادعاءات كاذبة بقدرة البشر على التحكم في أرواح الملائكة أو الجن، وهي قدرات تخص الله وحده. كما أن هذه الممارسات تروج للشرك والكفر وتضلل الناس عن الإيمان الصحيح بالله تعالى. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الممارسات في أحاديثه الشريفة، حيث قال: "من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" (رواه مسلم). 
تتجلى خطورة هذه الممارسات في أنها تؤدي إلى الاعتماد على غير الله في أمور الغيب، مما يفتح الباب أمام الشيطان للتلاعب بعقول الناس وتضليلهم. لذلك، يجب على المسلمين تجنب هذه الممارسات والابتعاد عن كل ما يتعلق بالسحر والعرافة، والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي التي تحث على الاعتماد الكامل على الله سبحانه وتعالى في جميع الأمور، والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى الشرك والكفر.

معنى الطرق

الطرق تشير إلى الضرب بالحصا أو الخط بالرمل، وهو نوع من التنبؤ بالطالع. يُمارس الطرق برمي عدد غير محدد من الحصيات أو الوَدَع في زاوية معينة، ثم يبدأ العراف في استعادتها بشكل تدريجي، حصة تلو الأخرى، بمعدل حصتين أو ثلاثة حصص في الرمية. يقوم العراف بتحليل العدد المتبقي من الحصيات؛ فإذا كان عددًا مزدوجًا يُعتبر ذلك شفعًا ويُفسر على أنه إشارة إلى حسن الطالع، بينما إذا كان العدد مفردًا يُعتبر وترًا ويُفسر على أنه دليل على سوء الطالع. يُعتبر العراف الذي يعتمد على هذه الممارسة ويستند إلى نتائجها بمفرده كعرّاف ماهر، أما إذا كان يتلقى توجيهات من شيطانه فهو كاهن.
هذه الممارسة تعد جزءًا من التنبؤ بالمستقبل والتوقعات، والتي قد تكون محظورة في بعض الأديان والمجتمعات بسبب اعتمادها على الاعتقادات السحرية والشعوذة. يُنصح بعدم الاعتماد على هذه الممارسات والاعتماد بدلًا من ذلك على العلم والعقلانية في التفكير واتخاذ القرارات.

النيرنجات

المعروفة أيضًا بسحر الاستعانة بالخواص الطبيعية بواسطة الكتابة، تعبّر عن عمليات التمويه والتخييل، والتي تهدف إلى إظهار غرائب الامتزاجات بين القوى الفاعلة والمنفعلة، بهدف تحقيق آثار مطلوبة مثل الحبّ والبغض، والإقبال والإعراض، وما شابه ذلك، من خلال كتابات مخصصة تحوي على الروحانيات المؤثرة في العالم.
تُعتبر عمليات النيرنجات جزءًا من ممارسات السحرة، الذين يؤمنون بقدرة المخلوقات الروحانية على التأثير والتحكم في عالم الطبيعة، ويستندون في ذلك إلى كتابات غامضة ومجهولة المعاني، تظهر كأرقام وحروف لا يستطيع فهمها إلا القليلون.
بالرغم من أن الطلسمات والنيرنجات تتشابه في بعض جوانبهما، إلا أن هناك اختلافات بينهما. ففي حين تُخصص الطلسمات لتمزيج القوى الفاعلة السماوية مع القوى المنفعلة الأرضية فقط، تعم النيرنجات جميع القوى الفاعلة المنتشرة في العالم بأسره، مما يجعلها أكثر شمولاً في نطاق تأثيرها وتطبيقاتها.
بشكل عام، يمكن القول إن النيرنجات تشكل جزءًا من علم السحر الذي يعتمد على الاستعانة بالكتابات والرموز للتأثير على العالم الروحاني والطبيعي، وهي تتميز بطرقها الخاصة وتعميقها في فهم القوى الروحانية.

الدوائر الشركية

هي جزء لا يتجزأ من التراكيب السحرية المعروفة باسم الأحجبة، والتي تشمل مجموعة من الدوائر المتنوعة في تصاميمها ومحتواها. تشتهر تلك الدوائر بتضمين عناصر شركية وتزوير للحقائق الدينية. من بين هذه الدوائر، تبرز ما يُعرف بالدائرة العظمى، حيث يُكتَب حول محيطها آية الكرسي دون ذكر اسم الله في بدايتها، مدّعين أن هذا النص بدون ذكر الله هو الاسم الأعظم.
كما تشتمل هذه الدوائر على مساحات تقطعت في وسطها بآيات قرآنية، وتحيط بها حروف بلغات غير عربية، وتكتنز شكلاً لا يفسر معناه، مما يُشير إلى وجود الشرك في تلك الأحجبة. بعضها يتضمن دوائر يُنسب إليها اسم حامل الحجاب، وحولها تُزعم وجود أشكال كانت منقوشة على خاتم النبي سليمان عليه السلام، وهي أشكال أو خواتم تعدها هؤلاء سيأتي رسمها قريباً.
بسبب تعدد مضامينها، يُعتبر العثور على دائرة دون دوائر أخرى مهمة شاقة. ولكن في كل حالة، تكتنز هذه الدوائر حروفًا وأعدادًا، وآيات قرآنية - خاصة آية الكرسي - يتم كتابتها بشكل معكوس أو يجري تشويه معانيها بإدراج أسماء غريبة، أو تتضمن أشكالاً غامضة مثل النجوم والخطوط. كل هذه العلامات تشير إلى شكل الشرك الموجود في هذه الأحجبة، حيث يُقصد منها إلحاق الأذى بحاملها واسترضاء كاتبها لشيطانه، بإشاعة مفهوم الشرك بين الناس، وتحويلهم عن التوجه الحقيقي إلى الله.

الشعوذة

أو الشعبذة، تُعرف بأنها علم يرتبط بشخص يُعتقد أنه مؤسس لهذا الفن، ويقوم هذا العلم على مهارة خفية باليد، حيث يظهر الشعوذ الأمور بشكل متكرر وسريع لتبدو حقيقية، ويعتمد على إظهار الأشياء الثابتة بأنها حية دون أن يلمسها الناس مباشرة، ويعتمد ذلك على مجموعة من الأساليب والتقنيات.
في العصر الحالي، تعتبر الشعوذة من أكثر الأمور التي يُمارسها السحرة، سواء في السيرك أو في العروض العامة، حيث يتلاعبون بالحواس ويخلقون أجواء غير عادية لإثارة الدهشة والإعجاب، وقد يتعاون بعضهم مع الجهات الخارقة للطبيعة لتحقيق ظواهر بصرية تبدو خارقة للعادة. إذا كانت الهدف من ذلك هو إقناع الجمهور بوجود قدرات استثنائية للشخص دون اللجوء إلى الوسائل العادية، فإن هذا يعتبر نوعًا من سحر الأعين.
ومع ذلك، يُنبغي التفريق بين الشعوذة وبين السحر الحقيقي الذي يتمتع بقوى خارقة ومستند إلى قوى خارقة غير طبيعية. في حين أن الشعوذة تعتمد على التقنيات والأساليب التي يمكن لأي شخص تعلمها وتنفيذها بممارسة وتدريب، فإن السحر يعتمد على القوى الخارقة والكائنات الخارقة التي لا يستطيع البشر التحكم فيها.
علم الأوفاق
فنّ قديم يقوم على رسم مربعات تتقاطع فيها خطوط مستقيمة، ومن ثمّ يُدخَل في هذه المربعات أعدادًا متوالية بطريقة خاصة، حيث يجب أن تكون مجموعات الأعداد في كل صف وعمود وقطر متساوية، دون تكرار للأعداد. يعتبر رسم الأوفاق صفة تقليدية تُمارَس لتحقيق أهداف معيّنة، فإذا بدأ رسمها من أعلى اليمين، يُعتقد أن ذلك يجلب الخيرات ويحقق الأماني، بينما إذا بدأ من أسفل الشمال، فإنه يُرتبط بأعمال شريرة وتعكير للأمور.
الأوفاق قد تكون بأشكال مختلفة، مثلثة أو مربعة أو غيرها، تعتمد على عدد المربعات المتضمنة فيها. ويختار ممارسو هذا الفن حروفًا وجُمَلًا تمثل الأوفاق، ثم يُضعون الأعداد المقابلة لهذه الحروف والجُمَل وفقاً لنظام محدد. ويُشترط في هذا الفن الاستعانة بالتدخين المناسب للعمل، مثل استخدام اللّبان والزعفران وغيرها، وذلك بناءً على الزمن وحال الكواكب.
مع ذلك، يجب التنبه إلى أن كتابة الأوفاق بهذه الطريقة والاعتقاد بتأثيرها يعتبران من أنواع السحر الحقيقي، حيث يُستعمل للتأثير على الآخرين وتحقيق مآرب معينة، وهذا يندرج تحت الشرك بالله. فالممارسة السليمة والمسؤولة تقتضي الابتعاد عن هذه الممارسات والاعتماد على الجهود الحقيقية والمباشرة لتحقيق الأهداف.

الطِّلَّسْمات

تُعد جزءًا لا يتجزأ من الأحجبة السحرية، وتشكل عنصرًا أساسيًا في أغلب الأحجبة، حيث لا يُكتمل حجاب دون وجودها. تُميّز الطِّلَّسْمات بكونها خطوطًا ورموزًا غامضة، تتميز بتعقيدات لغوية صعبة التفسير وفق المعتاد.
تُعرف الطِّلَّسْمات بأنها عقود لا يمكن فكّها، أو أسماء مقلوبة لتمثل سلطة وتسلطاً. يُشير بعض الناس إلى أنها تمثل جوانب من القهر والتسلط، وذلك بناءً على القول الذي يقول بأن الطِّلَّسْم مقلوب اسمه، وهو ما يعني "مسلط"، نظرًا لتأثيرها في عمل السحر.
المصنفون لهذه الأحجبة المشبوهة يضعون فيها رسومًا تمثل الطِّلَّسْمات ويشجعون على كتابتها لأغراض تختلف في خطورتها، ثم يدّعون بعدها بأنهم يريدون توجيه هذه الأمور لمن يستحقها، متبرئين أنفسهم من قصد الظلم، ويتوجهون بدعاء لله بعد تعليم وتحفيز الكتابة بها ليزودهم بالنجاح والفلاح. والحقيقة أن فك تلك الطِّلَّسْمات ليس أمراً مستحيلاً، فهي تُكتَب بحروف خاصة تُسمى "روحانية"، وهي معروفة لدى أهلها، فتُشكل كلماتٍ وجملًا تُقرأ بسهولة كما يقرأ الشخص العادي حروف لغته الأم. وكلما زادت معرفة الساحر برموز هذه الأقلام، كان أكثر قدرة على كتابة أعمال سحرية مطلسمة وفك الطِّلَّسْمات بمهارة.


تعليقات