النجوى

 


النجوى

القرآن الكريم: مصدر العبر والدروس

في رحاب القرآن الكريم نجد أروع العبر وأعمق الدروس التي تنير عقولنا وتهذب نفوسنا. على الرغم من حفظنا للآيات منذ زمن طويل، فإننا نجد أنفسنا وكأننا نقرأها لأول مرة. هذه الحقيقة تعكس عظمة هذه المعجزة الإلهية وأهمية هذا الكتاب السماوي. من هنا، يتجلى لنا ضرورة العودة إلى كتاب الله بقلوب صادقة ونية خالصة لله، كي نتعلم ونعمل بما علمنا.

سورة المجادلة: التناجي وأهميته

عند قراءة سورة المجادلة، تبرز الآيات التي تتحدث عن التناجي كمحور رئيسي. تتناول الآيات هذا الموضوع بشكل متكرر، مما يبرز أهميته ومكانته الكبيرة في الدين الإسلامي. في الوقت نفسه، نجد أن الكثير منا يغفل عن هذا الأمر، حيث لا يكاد يخلو مجلس من مجالسنا من الوقوع في هذه المعصية إلا من رحم ربي.

علم الله المحيط

يقول الله جل جلاله في سورة المجادلة: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)} [المجادلة : 7 - 10].

التنبيه الإلهي بشأن التناجي

هذه الآيات توضح أن الله يعلم كل شيء في السماوات والأرض، ولا يكون هناك سر بين الناس إلا وهو حاضر معهم، سواء كانوا ثلاثة أو خمسة أو أقل من ذلك أو أكثر. في يوم القيامة، سيخبرهم الله بما فعلوا، وهو العليم بكل شيء. الآيات تستمر في الحديث عن الذين نُهوا عن التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ولكنهم يعودون إلى ما نُهوا عنه، ويتناجون بما لا يُرضي الله. وعندما يأتون إلى الرسول يحيونه بتحية لم يُحيه بها الله، ويقولون في أنفسهم: لماذا لا يعذبنا الله بما نقول؟ جهنم هي جزاؤهم، وبئس المصير.

الدعوة إلى التناجي بالبر والتقوى

الله ينبه المؤمنين بأنهم إذا تناجوا فلا يتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، ولكن عليهم أن يتناجوا بالبر والتقوى، ويتقوا الله الذي إليه يُحشرون. التناجي من الشيطان ليحزن المؤمنين، ولكنه لا يضرهم إلا بإذن الله، وعلى المؤمنين أن يتوكلوا على الله.

أهمية مراقبة الله في أفعالنا وأقوالنا

هذا السياق يبين أهمية مراقبة الله في كل أفعالنا وأقوالنا، ويحثنا على تجنب الأمور التي تغضب الله، والتمسك بالبر والتقوى. إنه دعوة لنكون حذرين في مجالسنا، وأن نتجنب التناجي الذي يؤدي إلى الإثم، وأن نسعى دائمًا للحديث بما يرضي الله ورسوله.

العبر المستفادة من التناجي

إذا تأملنا في الدروس المستفادة من هذه الآيات، نجد أنها تدعونا للوعي التام بحضور الله في جميع تصرفاتنا. فالتناجي بالإثم والعدوان ليس مجرد عمل خفي بين الناس، بل هو موضع اهتمام الله ومراقبته. المؤمن الحق هو الذي يتجنب مثل هذه الأفعال ويحرص على التناجي بالبر والتقوى. هذا الالتزام يساعد في بناء مجتمع مسلم يسوده التعاون والاحترام المتبادل، ويخلو من الشك والريبة.

السنة النبوية والتناجي

السنة النبوية الشريفة أكدت على هذا الموضوع ووضحت آداب المسلم في مثل هذه الحالات. روى ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن ذلك يحزنه". هذا الحديث النبوي يوضح أن التناجي يحزن الشخص الثالث ويجعله يشعر بالعزلة والإقصاء.
التناجي الذي يسبب الحزن والأذى النفسي ليس من صفات المؤمنين، بل هو من وساوس الشيطان. المسلمون مأمورون بتجنب هذا السلوك والتمسك بالتوكل على الله في كل الأحوال. السنة النبوية عززت هذا المبدأ وجعلت منه جزءًا من آداب المسلم في التعامل مع الآخرين. فالتناجي الذي يسبب الحزن حرام، وعلينا أن نحرص على مشاعر إخواننا وأخواتنا في الإيمان.

صفة التناجي ليست من صفات المؤمنين

التناجي، بمعنى الحديث السري بين اثنين أو أكثر بقصد إخفاء الأمر عن الآخرين، ليست من صفات المؤمنين. إنما هي سمة ارتبطت باليهود في تاريخهم مع المسلمين، حيث كانوا يتناجون عندما يمر المسلم أمامهم بقصد إخافته وإيهامه بأنهم يدبرون له المكائد. ولهذا السبب، نزلت آيات من القرآن الكريم لتوضيح أن التناجي من الشيطان، كما قال تعالى: "إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ" (المجادلة: 10). هذه الآية جاءت لتبين أن التناجي الذي يهدف لإثارة القلق والخوف في نفوس المؤمنين هو من وحي الشيطان.

مصدر التناجي

الله سبحانه وتعالى أوضح في كتابه العزيز أن أصل التناجي الذي يهدف إلى الإساءة للمؤمنين هو الشيطان. فالشيطان يسعى دائماً لجعل المؤمنين في حالة من الحزن والغم، لا يريد لهم السعادة أو الراحة. هدفه الأساسي هو جلب النكد والهم لأهل الإيمان. لذا، على المسلم أن يكون واعيًا لهذا الأمر وألا ينجر وراء وساوس الشيطان التي تهدف لإحزانه.

موقف المؤمنين من التناجي

إذن، ماذا يفعل المسلم في مواجهة هذا النوع من التناجي؟ الجواب يكمن في التوكل على الله. يجب على المؤمن أن يتوجه بقلبه إلى الله الذي خلقه ورعاه، ويحفظه من كل سوء. يقول الله تعالى: "وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (المجادلة: 10). إن التوكل على الله يعزز الثقة في أن أي ضرر قد ينجم عن التناجي لن يصيبه إلا بإذن الله.

تفسير الإمام ابن كثير

الإمام ابن كثير، في تفسيره لهذه الآية، يشير إلى أن التناجي الذي يصدر عن تسويل الشيطان يهدف فقط إلى إحزان المؤمنين. يقول: "لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا" أي ليؤذيهم نفسياً ويجعلهم في حالة من القلق والحزن. ولكن الله يؤكد أنه "وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ". لذا، من يشعر بالضرر من التناجي عليه أن يستعيذ بالله ويتوكل عليه، لأنه بإذن الله لن يصيبه شيء.

التحريم وسببه

الله سبحانه وتعالى حرم التناجي بالإثم والعدوان لأسباب واضحة، أحدها أنه يسبب الحزن للمؤمنين. التحريم هنا ليس بسبب القتل أو التعذيب أو الاعتداء الجسدي، بل لأن التناجي يسبب الحزن فقط. إذا كان الله قد أنزل آيات لمنع التناجي الذي يسبب الحزن، فما بالك بالاعتداء الجسدي أو اللفظي أو حتى القتل والتعذيب؟

السنة النبوية والتناجي

السنة النبوية الشريفة أكدت على هذا الموضوع ووضحت آداب المسلم في مثل هذه الحالات. روى ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس؛ من أجل أن ذلك يحزنه". هذا الحديث النبوي يوضح أن التناجي يحزن الشخص الثالث ويجعله يشعر بالعزلة والإقصاء.

تأثير التناجي على الأشخاص

عندما يتناجى اثنان دون الثالث، قد يتوهم الشخص الثالث أن الحديث السري يتعلق به أو أنهما يتآمران عليه. قد يشعر بالاحتقار أو الاستخفاف به. لذلك، إذا كان اثنان يتحدثان سرا ودخل عليهما ثالث، يجب عليهما أن يستأذناه قبل الاستمرار في الحديث الخاص. هذه الآداب النبوية تهدف إلى حفظ مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى النفسي بهم.

مواقف الصحابة من التناجي

نقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه عندما جاءه رجل يريد أن يدخل بينه وبين رجل آخر؛ لكزه في صدره وقال له: "ألم تسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان اثنان يتناجيان فلا تدخل بينهما". هذه الرواية تبين احترام الصحابة لهذه الآداب وحفاظهم على مشاعر الآخرين.
التناجي الذي يسبب الحزن والأذى النفسي ليس من صفات المؤمنين، بل هو من وساوس الشيطان. المسلمون مأمورون بتجنب هذا السلوك والتمسك بالتوكل على الله في كل الأحوال. السنة النبوية عززت هذا المبدأ وجعلت منه جزءًا من آداب المسلم في التعامل مع الآخرين. فالتناجي الذي يسبب الحزن حرام، وعلينا أن نحرص على مشاعر إخواننا وأخواتنا في الإيمان.

شروط جواز التناجي

إن التناجي، أو التحدث بسر بين اثنين دون علم الثالث، قد يكون جائزًا بشروط معينة. وفقًا للعلماء، هناك شرطان أساسيان يجب توفرهما لجواز التناجي:
أولاً: يجب أن يتم بإذن الشخص الثالث. إذ يجب أن يكون الطرف الآخر على علم وموافقة بما يحدث ليتم استثناؤه من الحديث.
ثانياً: يجب أن تكون هناك مصلحة راجحة أو حاجة ملحة للتناجي. فلا يجوز استخدام هذه الخصوصية إلا لسبب حقيقي يستدعي ذلك، مثل مناقشة أمر خاص أو ضرورة ملحة.

صور التناجي المحرم

التناجي المحرم يأخذ أشكالاً متعددة، منها:
  1. التكلم بلغة لا يعرفها الشخص الثالث: التحدث بلغة غير مفهومة للطرف الثالث يعد تناجياً محرماً لأنه يثير الشكوك ويشعر الشخص بالعزلة.
  1. الكتابة: مثل أن يكتب شخص لآخر ورقة تحتوي على كلمات معينة ويعطيها أمام الثالث، أو يرسل له رسالة عبر الجوال وهم في مجلس واحد، فهذا أيضاً نوع من التناجي المحرم.
  1. الإشارات والرموز والحركات: استخدام الإشارات أو الرموز التي يفهمها طرف واحد فقط، مما يترك الطرف الآخر في حيرة وقلق.
  1. إذن الشخص الثالث: إذا كان هناك شخص ثالث في المجلس، يجب على المتناجين استئذانه قبل التحدث فيما بينهما.
  1. وجود مصلحة راجحة: يجب أن تكون النجوى لتحقيق مصلحة دينية أو اجتماعية راجحة، مثل الأمر بالصدقة أو المعروف أو الإصلاح بين الناس.

النجوى: ظاهرة مقيتة

إن النجوى، وهي التناجي بين اثنين فأكثر، قد تكون في الخير أو الشر. لكن انتشارها في أوساط الناس، خاصة في المجالس والطرقات، يجعل الكثيرين يجهلون حكمها، ويفتعلونها كبرًا وتجبراً. يستخدم البعض هذا الأسلوب في الأماكن العامة وناقلات الركاب لإغاظة من بجوارهم، وهذا من عمل الشيطان الرجيم. الله عز وجل يقول في سورة المجادلة: {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (المجادلة: 10).

السنة النبوية والنهي عن النجوى

جاءت السنة النبوية كذلك بالنهي عن النجوى والتناجي إذا كان يسبب الأذى للأخ المؤمن. فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث" (رواه البخاري). وفي رواية أخرى يوضح سبب النهي، فعن عبدالله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه" (رواه مسلم).

حرمة التناجي دون إذن

قال النووي -رحمه الله- في شرحه للأحاديث: "في هذه الأحاديث النهي عن تناجي اثنين بحضرة ثالث، وكذا ثلاثة وأكثرهم بحضرة واحد وهو نهي تحريم، فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم إلا أن يأذن". وعليه، يجب على من يرغب في التناجي التأكد من الحصول على إذن الشخص الثالث وعدم التسبب في حزنه أو شعوره بالعزلة.

الأدب في الحديث

إذا كان هناك حاجة ملحة للتحدث سرًا، يجب أن يستأذن الشخصان من الشخص الثالث. هذا الأدب يعكس احتراماً لمشاعر الآخرين ويجنبهم الحزن والشك. كما قال النووي -رحمه الله- في رياض الصالحين: "باب النهي عن تناجي اثنين دون الثالث بغير إذنه إلا لحاجة".
علينا أن نكون واعين لأثر كلماتنا وأفعالنا على الآخرين. التناجي بلا إذن أو حاجة ملحة ليس فقط مخالفة لتعاليم الإسلام، بل هو تصرف يؤدي إلى إيذاء مشاعر الآخرين وزرع الشك والحزن في قلوبهم. من هنا، يجب أن نحافظ على أدب الحديث ونحترم حقوق الآخرين، مستمدين ذلك من تعاليم القرآن والسنة النبوية الشريفة.

احترام خصوصية المتناجين

لا يجوز للإنسان أن يتدخل أو يدخل على اثنين في حال تناجيهما دون استئذان. فقد جاء في الأدب المفرد للبخاري من رواية سعيد المقبري أنه مر على ابن عمر ومعه رجل يتحدث، فاقترب منهما، فلطمه ابن عمر على صدره وقال: "إذا وجدت اثنين يتحدثان فلا تقم معهما حتى تستأذنهما". وزاد أحمد في روايته، حيث قال: "أما سمعت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا تناجى اثنان فلا يدخل معهما غيرهما حتى يستأذنهما)".

احترام الحديث الخاص

قال ابن عبد البر: "لا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجين في حال تناجيهما". وأكد ابن حجر: "ولا ينبغي لداخل القعود عندهما ولو تباعد عنهما إلا بإذنهما، لأن ابتدائهما الحديث سرا دون وجود أحد يدل على رغبتهما في الخصوصية. ويتأكد ذلك إذا كان صوت أحدهما عالياً أو كان لبعض الناس قدرة على استنباط المعاني من أجزاء الكلام المسموع". لذا، الحفاظ على عدم إيذاء المؤمنين بأي وسيلة هو مطلب مهم.

تفسير النهي عن التناجي

بعض الناس قد يفهمون النهي عن التناجي على أنه يخص فقط الحالات التي يكون فيها الشخص الثالث، لكن العلة الحقيقية للنهي هي تجنب الحزن والأذى الذي يشعر به الشخص الثالث عند تجاهله. كما ذكر القرطبي، فإن العلة تكمن في بقاء الشخص وحيداً دون الآخرين، وهذا يتساوى في أي عدد من الأشخاص. فلا يجوز التناجي حتى بين أربع دون واحد أو عشرة دون واحد لأن المعنى في حقه يكون أشد وضوحاً.

التناجي بغير لغة ثالثهم

النهي عن التناجي ليس مقصوراً على الحديث بين اثنين فقط، بل يمتد إلى كل أشكال التفاهم التي تترك الآخر في حالة من الحزن أو الأذى. قال النووي: "وفي معناه –أي في معنى النجوى- ما إذا تحدثا بلسان لا يفهمه الشخص الثالث".

النهي عن التناجي في كل الأحوال

النهي عن التناجي عام في كل الأزمان والأماكن، سواء في الحضر أو السفر، ولكن في السفر يكون أشد حرمة. حيث أن النجوى في السفر قد تزيد من شعور العزلة والتجاهل لدى الشخص الثالث. لذا، يجب علينا دائماً احترام خصوصية الآخرين وتجنب كل ما يمكن أن يسبب لهم الحزن أو الأذى، تعزيزاً لقيم الاحترام والتعاون في المجتمع.
كما علمنا أنّ النجوى محرمة شرعاً لما يحصل فيها من الأذى والحزن للجليس، فحيثما فقد الأذى والحزن ووجدت المصلحة من النجوى جازت، يقول الله -تعالى-: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ…} سورة النساء (114). ففي في هذه الآية يبين الله أن النجوى جائزة في ثلاث حالات؛ لأن الغالب أن النجوى لا خير فيها إلا في هذه الحالات الثلاث:
الحالة الأولى: الأمر بالصدقة.
الحالة الثانية: الأمر بالمعروف، والمعروف هو كل ما عرف في الشرع استحسانه، والمنكر كلما عرف في الشرع استقباحه، والأمر بالمعروف يشمل الدلالة على كل خير الخير، والتحذير من الشر.
الحالة الثالثة: الإصلاح بين الناس فمن تكلم بهذه الثلاث أو بأحدها فهو في قربة إلى الله –تعالى-، بل كلامه من أفضل الذكر، قال ابن تيمية -رحمه الله-: "إن كل ما تكلم به اللسان، وتصوره القلب، مما يقرب إلى الله، من تعلم علم، وتعليمه، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، فهو من ذكر الله، ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع، بعد أداء الفرائض، أو جلس مجلساً يتفقه أو يفقه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله فقهاً فهذا أيضاً من أفضل ذكر الله"10.
قال العلامة ابن سعدي: "أي لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون، وإذا لم يكن فيه خير، فإما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، وإما شر ومضرة محضة كالكلام المحرم بجميع أنواعه.
ثم استثنى تعالى فقال: {إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} من مال أو علم، أو أي نفع كان، بل لعله يدخل فيه العبادات القاصرة كالتسبيح والتحميد ونحوه؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة) الحديث11. وهذه هي الحالة الأولى.
الحالة الثانية: {أَوْ مَعْرُوفٍ}؛ "وهو الإحسان والطاعة، وكل ما عرف في الشرع والعقل حسنه"12. وقد جاءت النصوص في الحث على الأمر بالمعروف، والدلالة عليه؛ فعن أبي مسعود الأنصاري قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أبدع بي فاحملني، فقال: (ما عندي) فقال رجل: يا رسول الله أنا أدله على من يحمله فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)13.  وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً)14. وقد سبق أن الأمر بالمعروف صدقة..
الحالة الثالثة من الحالات التي يجوز فيها النجوى: {أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، والإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين، والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حث الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض، بل وفي الأديان؛ كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} سورة آل عمران (103). وقال تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} سورة الحجرات (9). والساعي في الإصلاح بين الناس أفضل من القانت بالصلاة والصيام والصدقة، والمصلح لابد أن يصلح الله سعيه وعمله. كما أن الساعي في الإفساد لا يصلح الله عمله ولا يتم له مقصوده ؛ كما قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} سورة يونس(81). فهذه الأشياء حيثما فعلت فهي خير"15.
ولكن هذا الإصلاح يتأكد وجوبه بين المسلمين؛ بل لا يكون إلا بين المسلمين مع بعضهم البعض؛ لأن الله: "لم يبين في قوله: {أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ الناس} - هل المراد بالناس المسلمون دون الكفار أو لا؟. ولكنه أشار في مواضع أخر أن المراد بالناس المرغب في الإصلاح بينهم هنا المسلمون خاصة؛ كقوله تعالى: {إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} سورة الحجرات (10). وقوله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَ} سورة الحجرات (9). فتخصيصه المؤمنين بالذكر يدل على أن غيرهم ليس كذلك كما هو ظاهر"16.

مفهوم النجوى وأثرها

النجوى، أو التحدث بين اثنين في غياب الآخرين، قد تكون مصدرًا للأذى والحزن للجالسين، ولذلك جاءت الشريعة الإسلامية لتحدد ضوابطها. يقول الله تعالى في سورة النساء: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114]. في هذه الآية، نجد أن النجوى تُعتبر جائزة في ثلاث حالات فقط، لما فيها من خير ومصلحة.

النجوى في الأمر بالصدقة والمعروف

الأمر بالصدقة: تعد الصدقة من الأعمال المحببة في الإسلام، ومن ينجو بها بين الناس يسعى لتحقيق الخير. فقد أمرنا الله بالصدقة وجعلها من وسائل النجوى الجائزة لأنها تقربنا من الله وتساهم في دعم الفقراء والمحتاجين.
الأمر بالمعروف: المعروف يشمل كل ما استحسنه الشرع. عندما يتناجى اثنان بالأمر بالمعروف، فإنهما يوجهان بعضهما نحو الخير ويحذران من الشر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة" (رواه مسلم).

النجوى في الإصلاح بين الناس

الإصلاح بين الناس: من أعظم صور النجوى المقبولة هي السعي للإصلاح بين المتخاصمين. النزاعات والخلافات تولد الشر والفرقة، ولهذا حث الإسلام على بذل الجهود للإصلاح بين الناس. يقول الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9]. السعي للإصلاح يتطلب الحكمة والصبر، ومن يقوم بهذا العمل ينال أجرًا عظيمًا عند الله.

شروط النجوى الجائزة

لكي تكون النجوى جائزة، يجب توافر شرطين أساسيين:

أدلة من السنة النبوية

جاءت السنة النبوية لتؤكد النهي عن النجوى بغير حق. عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث" (رواه البخاري). وفي رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه" (رواه مسلم).

أهمية احترام مشاعر الآخرين في المجالس

احترام مشاعر الآخرين في المجالس والمناسبات هو ركن أساسي من التعاليم الإسلامية. فقد جاءت الشريعة الإسلامية لتغرس فينا قيم الاحترام والتعاون، ولتجنب كل ما قد يسبب الأذى والحزن للآخرين. النجوى، رغم بساطتها الظاهرية، يمكن أن تكون لها آثار نفسية واجتماعية كبيرة، ولذلك يجب علينا أن نكون حذرين في حديثنا وأفعالنا، ونسعى دائمًا للخير والإصلاح بين الناس، متجنبين كل ما قد يؤدي إلى الفتنة والفرقة.

الإصلاح بين الناس: قيمة عليا في الإسلام

من أبرز القيم التي يشجع عليها الإسلام هو الإصلاح بين الناس، خاصة بين المتخاصمين. يقول الله تعالى: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]. هذا الأمر الإلهي يشدد على ضرورة إصلاح العلاقات المتوترة بين الناس، وتعزيز التوادد والتواصل بينهم. فالإصلاح يسهم في جمع الكلمة، وإزالة ما ينشأ من التخاصم والتشاجر والتنازع.

درجات الإصلاح وأهميته

الإصلاح بين الناس هو أفضل من الصيام والصلاة والصدقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟" قالوا: بلى. قال: "إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة" (رواه أبو داود والترمذي). هذا الحديث يشير إلى أن الفساد في العلاقات بين الناس يمكن أن يؤدي إلى تحطيم الدين، لذلك فإن السعي للإصلاح بينهم يعتبر من أعلى درجات الأعمال الصالحة.

التسامح والعفو: أساس إصلاح ذات البين

إصلاح ذات البين يتطلب التسامح والعفو عن المسيئين. عندما نتمكن من تحسين الخلق والعفو عن الآخرين، فإننا نساهم في زوال الكثير من البغضاء والتدابر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" (رواه البخاري ومسلم). الكذب هنا جائز إذا كان يهدف إلى الإصلاح بين الناس، مما يدل على أهمية تحقيق السلام والوئام الاجتماعي حتى لو تطلب الأمر بعض الاستثناءات من القواعد العامة.

الإصلاح بين الزوجين

الإصلاح بين الزوجين يمثل نوعًا آخر من الإصلاح الذي حث عليه الإسلام. يقول الله تعالى: {فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. كما أشار القرآن إلى ضرورة التدخل لحل النزاعات الزوجية بإرسال حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة للمساعدة في تحقيق الإصلاح، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35].
بذلك يتضح أن الإسلام يشدد على ضرورة الإصلاح بين الناس في جميع الأوقات والمواقف. إن السعي لتحقيق التفاهم والوئام هو من أعظم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم. ينبغي علينا جميعًا أن نكون دعاة للخير، نسعى للإصلاح بين الناس، ونعمل على تعزيز المحبة والتعاون في مجتمعاتنا. بتحقيق هذه القيم، نبني مجتمعًا قويًا يسوده الحب والتفاهم والتعاون، بعيدًا عن الفتنة والفرقة.

قيمة الإخلاص في الأعمال

من الجدير بالذكر أن كمال الأجر وتمامه في الأعمال مرتبطان بشكل كبير بالنية والإخلاص. يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، وهذا يوضح أن العبد يجب أن يقصد بعمله وجه الله تعالى، ويخلص في كل فعل يقوم به. الإخلاص في النية هو ما يجعل الأعمال تتسم بالقيمة ويجلب الأجر العظيم، حتى وإن لم يتحقق الهدف المرجو من العمل. ذلك لأن النية الصادقة واقترانها بالعمل تضمن للعبد الثواب الكامل من الله.

أهمية تقوى الله في النجوى

يجب علينا كمسلمين أن نتقي الله في كل أمور حياتنا، وذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه. يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المجادلة: 9]. هذا النداء الإلهي يحث المؤمنين على الابتعاد عن النجوى التي تحمل في طياتها الإثم والعدوان، ويوجههم إلى التناجي بالبر والتقوى. هذه الآية تذكرنا بضرورة الحفاظ على نقاء نوايانا وأفعالنا، والسعي دائمًا لما فيه الخير والصلاح.

تطبيق الصحابة للأوامر الإلهية

لقد كان الصحابة رضوان الله عليهم مثالًا حيًا لتطبيق الأوامر الإلهية في حياتهم اليومية. يروى في الحديث عن عبد الله بن دينار، الذي قال: "كنت أنا وابن عمر عند دار خالد بن عقبة في السوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه، وليس مع ابن عمر أحد غيري، فدعا ابن عمر رجلًا آخر من السوق حتى كنا أربعة، ثم قال لي وللرجل الثالث الذي دعا استأخرا شيئًا، حتى أتمكن من كلام هذا الرجل الذي معي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يتناجى اثنان دون الثالث)" (رواه مالك في الموطأ). هذه القصة تظهر لنا مدى حرص الصحابة على تطبيق تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم، والتأكد من عدم إلحاق الأذى بمشاعر الآخرين من خلال التناجي.

السعي للإصلاح بين الناس

الإصلاح بين الناس هو من أسمى الأعمال في الإسلام. قال تعالى: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]. يتضمن هذا الإصلاح تحسين العلاقات بين الناس، وإزالة أي توتر أو تقاطع بينهم. الرسول صلى الله عليه وسلم أكد على أهمية هذا الأمر في حديثه: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: (إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة)" (رواه الترمذي). هذا الحديث يظهر لنا أن إصلاح العلاقات بين الناس يعتبر من أفضل الأعمال، بل ويتفوق على العبادات الشخصية مثل الصيام والصلاة.

تأثير الإصلاح على المجتمع

إصلاح ذات البين له تأثير إيجابي كبير على المجتمع. إنه يعزز التعاون والتماسك بين أفراده، ويزيل التوترات والمشاحنات التي قد تؤدي إلى الفتنة والفرقة. وفي سبيل تحقيق هذا الإصلاح، أباح الإسلام الكذب إذا كان الهدف منه إصلاح العلاقات بين الناس. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا" (رواه البخاري ومسلم).
في الختام، علينا جميعًا أن نستلهم من هذه القيم الإسلامية السامية في حياتنا اليومية. أن نسعى دومًا للإخلاص في نياتنا وأعمالنا، وأن نتجنب كل ما قد يسبب الأذى للآخرين. بالالتزام بهذه القيم، نساهم في بناء مجتمع يسوده الحب والتفاهم والتعاون، بعيدًا عن الفتنة والفرقة. نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته، وأن يجنبنا معصيته، ويجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.


تعليقات