العلاج بالحجامة

 

ما هي الحجامة؟

الحجامة، المعروفة بالإنجليزية باسم "Cupping"، هي علاج تقليدي انتشر في العديد من الدول العربية والإسلامية كجزء من الطب النبوي. أوصى به عدد من الأطباء العرب والمسلمين البارزين مثل ابن سينا، والزهراوي، وأبو بكر الرازي. انتقلت الحجامة لاحقًا إلى الدول الأوروبية خلال عصر النهضة، حيث لقيت رواجًا وانتشارًا هناك. تعكس الحجامة ممارسات قديمة تهدف إلى تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض، ولاتزال تُستخدم حتى اليوم كوسيلة للعلاج الطبيعي والبديل.

تصنيف الحجامة وعملية إجرائها

تندرج الحجامة ضمن العلاجات البديلة (Alternative Medicine)، وتعتمد على وضع أكواب على نقاط مختارة من الجلد لخلق ضغط أقل من الضغط الجوي. يمكن تحقيق هذا الضغط المنخفض بطريقتين رئيسيتين: باستخدام الحرارة لتسخين الهواء داخل الأكواب قبل وضعها على الجلد، أو باستخدام مضخة لسحب الهواء من الأكواب بعد وضعها. الهدف من الحجامة هو الوقاية من الأمراض وعلاج بعضها من خلال تحسين تدفق الدم وتنشيط الدورة الدموية في المناطق المستهدفة. يعتقد ممارسو الحجامة أنها تساعد في إزالة السموم من الجسم وتعزيز الشفاء الذاتي، مما يجعلها خيارًا شائعًا في الطب البديل حتى اليوم.

أنواع الحجامة

تُصنف الحجامة إلى نوعين رئيسيين، ويتم اختيار النوع المناسب بناءً على طبيعة الحالة المرضية ورغبة الشخص المعالج ورأي المختص. النوع الأول هو الحجامة الجافة (Dry Cupping)، التي تعتمد بشكل أساسي على عملية شفط الجلد باستخدام أكواب توضع على نقاط محددة من الجسم. يتم إنشاء فراغ داخل الأكواب عن طريق تسخين الهواء داخلها أو استخدام مضخة للشفط، مما يؤدي إلى جذب الجلد والأوعية الدموية إلى داخل الأكواب، مما يُعتقد أنه يحسن تدفق الدم ويحفز الشفاء.

أما النوع الثاني فهو الحجامة الدامية أو الرطبة (Wet Cupping)، والتي تتضمن عملية شفط الجلد مثل الحجامة الجافة، ولكن مع إضافة خطوة إضافية تتمثل في سحب كميات صغيرة من الدم. بعد شفط الجلد، يتم إجراء جروح سطحية صغيرة باستخدام مشرط، ثم يعاد وضع الأكواب لسحب الدم. يُعتقد أن هذا النوع من الحجامة يساعد في إزالة السموم من الجسم ويعزز الشفاء من خلال تحسين الدورة الدموية والتخلص من الشوائب. يتم اختيار النوع المناسب من الحجامة بناءً على تقييم شامل للحالة الصحية للمريض وتوصيات المعالج المختص.

دواعي إجراء الحجامة

تُستخدم الحجامة لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات المرضية، وتعتبر فعالة بشكل خاص في معالجة الآلام الهيكلية العضلية والأمراض العصبية. في الحالات العضلية، تُستخدم الحجامة لتخفيف الآلام مثل فتق القرص القطني، وداء الفقار الرقبية، وألم أسفل الظهر المستمر، والتهاب النسيج الليفي، وألم الرقبة المزمن، والتهاب العضلات الليفي، وألم الركبة المزمن، وألم التهاب المفاصل النقرسي الحاد، وآلام عسر الطمث. أما في الأمراض العصبية، فتُستخدم الحجامة لعلاج الصداع والصداع النصفي ومتلازمة النفق الرسغي وألم العصب الثلاثي التوائم الحاد، مما يساعد على تحسين جودة الحياة وتخفيف الأعراض المصاحبة لهذه الحالات.

بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الحجامة علاجًا فعالًا لبعض الأمراض الاستقلابية مثل التهاب المفاصل النقرسي الحاد وارتفاع الدهنيات والكوليسترول في الدم. وتُستخدم أيضًا في علاج أمراض الجهاز التنفسي مثل التهاب الأنف التحسسي، والربو، والتهاب القصبات الرئوي. تشمل دواعي استخدامها بعض أمراض القلب والأوعية الدموية كارتفاع ضغط الدم الانقباضي وفشل القلب وعدم انتظام ضربات القلب. كما تُستخدم في علاج الالتهابات الفيروسية مثل التهاب الكبد الفيروسي والهربس النطاقي، وكذلك الالتهابات البكتيرية وأمراض المناعة الذاتية كالتهاب المفاصل الروماتويدي والبهاق. تلعب الحجامة دورًا في إعادة تأهيل مرضى السكتة الدماغية وعلاج بعض الأمراض الجلدية مثل حب الشباب والتهاب الجلد التأتبي والشرى المزمن مجهول السبب. وتُعتبر مفيدة أيضًا في حالات انقطاع الطمث الثانوي وتقليل مقاومة الأنسولين لدى مرضى السكري.

أفضل أيام الحجامة

تُجرى الحجامة الجافة في أي وقت دون تقييد بزمان محدد، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحجامة الرطبة، فإذا كانت لأغراض وقائية وغير طارئة، يُفضل إجراؤها في الأيام السابع عشر أو التاسع عشر أو الحادي والعشرين من الشهر القمري الإسلامي بعد صلاة الفجر. هذه الأيام لها مكانة خاصة في التراث الطبي الإسلامي، ويُعتقد أنها الأكثر فعالية لتحقيق فوائد الحجامة. ومع ذلك، إذا كانت الحاجة طارئة، فلا يوجد مانع من إجراء الحجامة الرطبة في أي وقت ضروري.

عدد جلسات الحجامة

تختلف عدد جلسات الحجامة المطلوبة من شخص لآخر بناءً على حالته الصحية واحتياجاته. بعض الأشخاص قد يحتاجون إلى جلسة واحدة فقط لتحقيق الفائدة المرجوة، بينما قد يحتاج آخرون، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة، إلى عدة جلسات. قد تتراوح الحاجة من جلسة إلى ثلاث جلسات للأفراد الذين يعانون من حالات بسيطة، أما بالنسبة للأمراض المزمنة، فقد تتطلب العلاج المستمر والمتعدد الجلسات للوصول إلى نتائج ملموسة وتحقيق التحسن المطلوب في الحالة الصحية.

فوائد الحجامة

تُقدم الحجامة العديد من الفوائد الصحية للجسم، من أبرزها الراحة والاسترخاء. تساهم الحجامة في زيادة إنتاج الأفيون الداخلي في الدماغ، مما يساعد على تحسين التحكم بالألم ورفع عتبة الألم. كما أنها فعالة في تقليل آلام الظهر. تعمل الحجامة أيضًا على تقليل الالتهاب وتعزيز الدورة الدموية، مما يساعد في طرح السموم والنفايات خارج الجسم. إزالة المواد الضارة من الشعيرات الدموية والسائل بين الخلايا يسهم في تحسين الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الحجامة إصلاح الخلايا البطانية في الشعيرات الدموية وتسريع تكوين الأوعية الدموية في منطقة الحجامة.

من الفوائد الأخرى للحجامة خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) في الرجال، مما يساهم في محاربة تصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية. وتساعد أيضًا في خفض مستوى الكوليسترول الكلي ونسبة الكوليسترول الضار إلى المفيد (LDL/HDL Ratio). تساهم الحجامة في خفض عدد الخلايا اللمفية في الدم وزيادة عدد العدلات وكريات الدم الحمراء. كما تساعد في تخفيف الالتصاقات وتجديد الأنسجة الضامة. بالإضافة إلى ذلك، تحفز الحجامة الجهاز العصبي الطرفي وتساعد في التحكم في ارتفاع ضغط الدم وتنظيم جهاز المناعة. كما تُفيد في خفض مستوى السكر في الدم لدى مرضى السكري، مما يجعلها علاجًا شاملًا لمجموعة واسعة من الحالات الصحية.

شروط الحجامة وموانعها

تُعد الحجامة علاجًا بديلًا مفيدًا في العديد من الحالات، إلا أن هناك شروطًا وموانع لا بد من مراعاتها لضمان سلامة المريض. يجب تجنب إجراء الحجامة في مناطق الأوردة والشرايين أو الأعصاب أو الغدد الليمفاوية أو الدوالي. كما يُمنع تطبيقها على الجلد الملتهب أو المصاب بآفات جلدية، أو بالقرب من فتحات الجسم والعينين. يجب أيضًا تجنب المناطق التي تحتوي على جروح مفتوحة أو كسور في العظام أو مناطق بها جلطات الأوردة العميقة، وذلك لتفادي أي مضاعفات خطيرة.

من المهم أيضًا الامتناع عن الحجامة للأشخاص المصابين بالسرطان أو الذين يعانون من أمراض الكلى والكبد. يُنصح بشدة بعدم إجراء الحجامة لمرضى القلب، وخاصة الذين يضعون أجهزة تنظيم القلب (Pacemaker)، وأولئك الذين يعانون من سيولة الدم (Hemophilia) أو التهابات حادة. الأشخاص الذين يستخدمون الأدوية المضادة للتخثر يجب أن يتجنبوا الحجامة أيضًا، نظرًا لخطر النزيف. أما النساء في فترة الحمل والنفاس، فيُنصح بتجنب الحجامة تمامًا، وكذلك الأطفال دون سن الرابعة، ويجب استشارة الطبيب قبل إجرائها لمن هم أكبر سنًا.

موانع الحجامة وحالات خاصة

بالإضافة إلى الشروط المذكورة، هناك حالات خاصة تتطلب توخي الحذر عند التفكير في الحجامة. يُفضل عدم إجراء الحجامة للأشخاص الذين يعانون من فقر الدم الشديد، حيث يمكن أن يؤدي سحب الدم إلى تفاقم حالتهم الصحية. كذلك، يجب أن تكون جلسات الحجامة للأطفال قصيرة للغاية وبإشراف طبي دقيق لضمان سلامتهم.

إلى جانب ذلك، من الضروري الامتناع عن الحجامة في حالات الالتهابات الجلدية الحادة أو الأمراض الجلدية المزمنة التي قد تتفاقم مع التهيج الناتج عن الحجامة. عند التعامل مع المرضى الذين لديهم تاريخ من الجلطات أو اضطرابات الدم، يجب إجراء تقييم شامل من قبل متخصصين لتحديد مدى أمان الحجامة لهم.

بشكل عام، تتطلب الحجامة تقييماً دقيقاً للحالة الصحية لكل مريض قبل الشروع في العلاج. الالتزام بالشروط والموانع الطبية يمكن أن يساعد في تجنب المضاعفات وضمان تحقيق الفوائد المرجوة بأمان. من الأفضل دائمًا استشارة ممارس طبي معتمد قبل اتخاذ قرار البدء في جلسات الحجامة لضمان أن هذا العلاج مناسب وآمن لحالة الفرد الصحية.

مواضع الحجامة

لا تختلف مواضع الحجامة بين النساء والرجال، وتعتبر بعض النقاط الأساسية في الجسم هي المواقع المثلى لإجراء الحجامة لتحقيق الفوائد الصحية. تعتمد المواضع المختارة على قربها من الأنسجة المصابة لتسهيل إخراج المواد المسببة للأمراض من الجسم. يتم اختيار هذه المواضع استنادًا إلى الموقع الأساسي للمرض وتوزيعه ودرجة الفائدة العلاجية الناتجة عن تصفية الدم والسوائل بين الخلايا. يمكن تحسين فعالية الحجامة بتغيير مواقع الأكواب أو زيادة عددها أو حجمها أو حتى زيادة الضغط المستخدم إلى حد معين.

أهم مواضع الحجامة

  1. الكاهل: يقع فوق العمود الفقري العنقي السابع، ويعتبر من المواضع الشائعة في العلاج بالحجامة.
  1. الأخدين: المنطقة الواقعة على جانبي العنق خلف الأذن، وهي مفيدة لعلاج العديد من الأعراض المرتبطة بالرأس والعنق.
  1. بين الكتفين: هذا الموضع يساعد في تخفيف التوتر والألم في الجزء العلوي من الظهر.
  1. قمة الرأس ومنطقة اليافوخ: يجب حلاقة الشعر من هذه المناطق قبل البدء لضمان التعقيم الجيد وتحقيق أفضل النتائج.
  1. الفخذ: يستخدم هذا الموضع لعلاج مشاكل الدورة الدموية والألم في الأطراف السفلية.
  1. السطح الظهراني للقدم: يمكن أن يكون هذا الموضع مفيدًا في علاج حالات محددة تتعلق بالأطراف السفلية وتحسين تدفق الدم.
  1. الندبات والحروق: قد تحدث ندبات صغيرة أو حروق خفيفة في منطقة الحجامة نتيجة للاحتكاك بالأكواب أو التسخين الزائد.
  1. الصداع والحكة: قد يُعاني بعض الأشخاص من صداع خفيف أو حكة في المنطقة المعالجة بعد الحجامة، وتكون غالباً مؤقتة.
  1. الدوار والتعب: يمكن أن يشعر بعض الأشخاص بدوار، تعب، أو تشنجات عضلية نتيجة لتأثير الحجامة على الجسم.
  1. الفقر الدم والغثيان: في بعض الحالات، قد يسبب الحجامة انخفاضًا في مستويات الهيموغلوبين والغثيان.
  1. الفقاعات أو النفطات: قد تظهر بعض الفقاعات أو النفطات في المنطقة المحيطة بأكواب الحجامة، وهي عادةً تكون غير خطيرة.
  1. ورم دموي صغير: قد يحدث تورم صغير في المنطقة المعالجة نتيجة لاحتكاك الأكواب بالجلد.
  1. ألم في موضع الحجامة: يمكن أن يشعر بعض الأشخاص بألم خفيف في موضع الحجامة بعد الجلسة، ويتلاشى عادةً في غضون فترة قصيرة.
  1. الخراج والتهابات جلدية: في حالة عدم التعقيم الجيد أو عدم النظافة الكافية، قد يحدث التهاب في المنطقة المعالجة.
  1. فرط التصبغ: قد يلاحظ بعض الأشخاص تغيرات في لون البشرة (فرط التصبغ) في منطقة الحجامة، وهذا قد يكون مؤقتًا.
  1. نقصان مستوى مخزون الحديد: في بعض الحالات، يمكن أن تسبب الحجامة نقصًا في مخزون الحديد (فيريتين)، مما يتطلب متابعة طبية للتأكد من استعادة المستويات المناسبة.

تتيح هذه المواضع تحقيق فوائد متنوعة من الحجامة، بما في ذلك تخفيف الألم، وتحسين الدورة الدموية، وتعزيز الصحة العامة. يمكن تعديل عدد الأكواب ومواقعها وحجمها وفقًا لحالة المريض لتحقيق أفضل النتائج العلاجية.

ما قبل الحجامة

للحصول على أفضل النتائج من جلسات الحجامة، هناك بعض النصائح التي يجب مراعاتها قبل البدء. من الضروري المباعدة بين وقت الاستحمام ووقت الحجامة، إذ يُنصح بالاستحمام قبل الجلسة بساعتين إلى ثلاث ساعات. ذلك يساعد على تهدئة الجسم وتحضيره لتلقي العلاج بشكل أفضل. كما أن الصيام أو تناول وجبة خفيفة قبل ثلاث ساعات من موعد الجلسة يعتبر مفيدًا، حيث يساعد على تحقيق أفضل نتائج ممكنة من الحجامة من خلال تحسين تدفق الدم وتقليل إجهاد الجهاز الهضمي أثناء العلاج.

إعداد الجسم قبل الحجامة

تحضير الجسم بشكل صحيح قبل الحجامة يساهم في تحقيق فوائد أكبر من العلاج. يجب التأكد من أن الجلد نظيف وخالٍ من أي مواد دهنية أو عطور قد تؤثر على فعالية الحجامة. يُفضل ارتداء ملابس فضفاضة ومريحة لتسهيل الوصول إلى المناطق المستهدفة. إضافةً إلى ذلك، يُنصح بتجنب التدخين وشرب الكافيين قبل الجلسة، حيث يمكن أن يؤثران سلبًا على الدورة الدموية. من الجيد أيضًا شرب كمية كافية من الماء لترطيب الجسم وتحسين تدفق الدم، مما يساعد في التخلص من السموم بشكل أكثر فعالية خلال جلسة الحجامة.

باتباع هذه الإرشادات، يمكن تحسين عملية الحجامة وضمان الحصول على الفوائد الصحية المرجوة منها بشكل أكثر فعالية وأمان.

طريقة عمل الحجامة الجافة

تتبع عملية الحجامة الجافة خطوات محددة لضمان فعالية العلاج وسلامة المريض. تبدأ العملية بوضع كوب زجاجي أو بلاستيكي على الجلد، ثم يُسخن بالنار باستخدام الكحول أو الأعشاب أو ورقة توضع مباشرة داخل الكوب. بمجرد إزالة مصدر النار، يتم وضع الكوب الساخن من جهته المفتوحة على الجلد، حيث يبرد الهواء داخل الكوب ليخلق فراغًا يسحب الجلد والعضلات إلى الأعلى داخل الكوب. في تقنيات الحجامة الحديثة، تُستخدم المضخات المطاطية لخلق الضغط والشفط المطلوبين. نتيجة لذلك، قد يتحول الجلد إلى اللون الأحمر بسبب استجابة الأوعية الدموية للتغير في مستوى الضغط.

تفاصيل الجلسة وما بعدها

يُترك الكوب على الجلد لمدة تتراوح عادة بين 5 إلى 10 دقائق، وهي مدة كافية لتحقيق التأثير المطلوب دون إلحاق ضرر بالجلد. بعد إزالة الأكواب، يقوم المعالج بوضع مرهم على مناطق الحجامة لتهدئة الجلد وتقليل أي تهيج محتمل. من الشائع أن تظهر كدمات على الجلد بعد الجلسة، لكنها تبدأ بالاختفاء تدريجيًا بعد مرور حوالي 10 أيام. يُعتبر هذا التحول في لون الجلد جزءًا طبيعيًا من عملية الشفاء، ويشير إلى أن الدورة الدموية في المنطقة قد تحسنت وأن الجسم يتخلص من السموم. بهذه الطريقة، تساهم الحجامة الجافة في تعزيز الصحة العامة من خلال تحفيز تدفق الدم وتخفيف التوتر العضلي وتحسين وظائف الجسم بشكل عام.

طريقة عمل الحجامة الرطبة

يعد الحجامة الرطبة إحدى التقنيات التقليدية التي تستخدم للتخلص من السموم وتحسين التدفق الدموي في الجسم، وتشمل عملية الحجامة الرطبة الخطوات التالية:

التحضير وتحديد الموضع

يتم تحديد المنطقة التي سيتم وضع أكواب الحجامة عليها، وتكون هذه المنطقة معتمدة على المشكلة الصحية المراد علاجها. يجب تعقيم المنطقة بشكل جيد قبل البدء في عملية الحجامة للحفاظ على نظافتها ومنع أي عدوى محتملة.

وضع الكوب والشفط

بعد تعقيم المنطقة، يُوضع الكوب على الجلد بشكل مماثل لطريقة الحجامة الجافة. يتم خدش الجلد بواسطة مشرط معقم لعمل شقوق صغيرة سطحية، مما يُسمح للسوائل المحتجزة داخل الجلد بالخروج بفعل الشفط الذي يتم على الكوب الموضوع فوق هذه الشقوق.

عملية الشفط والجمع للسوائل

بعد إنشاء الشقوق، يُوضع الكوب الحجامي فوق الموضع المختار ويتم الشفط مجددًا. يتم جمع سوائل متعددة من الجلد، بما في ذلك السوائل الدموية مثل السائل الخلالي واللمف والسوائل الشعيرية المفلترة، داخل أكواب الحجامة. تتجلط هذه السوائل بسرعة داخل الكوب، مما يساهم في إخراجها بشكل آمن من الجسم.

التعقيم والرعاية بعد الحجامة

بمجرد انتهاء عملية الحجامة، يتم تعقيم المنطقة مجددًا وتغطيتها بالضماد أو الشاش لضمان بيئة نظيفة للشفاء. يُضاف مرهم موضعي يحتوي على مضاد حيوي أو عسل لتعزيز عملية شفاء الجروح والحد من أي مضاعفات محتملة.

بهذه الطريقة، توفر الحجامة الرطبة فرصة للجسم للتخلص من السموم وتحسين التدفق الدموي، مع الحفاظ على سلامة المريض والنظافة الشخصية. تعتبر هذه العملية جزءًا أساسيًا من الطب التقليدي وتستخدم على نطاق واسع لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات الصحية.

ما بعد الحجامة

بعد إجراء الحجامة، يجب اتباع الإرشادات التالية لضمان التعافي السريع والحفاظ على الصحة العامة:

التغذية السليمة

يُنصح بتجنب استهلاك اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان لمدة ٢٤ ساعة بعد الحجامة. يمكن استبدالها بالأسماك، والبيض، والفواكه، والخضراوات لتعزيز عملية التخلص من السموم وتقديم التغذية اللازمة للجسم. يُفضل تناول كميات صغيرة من الدجاج مع مراعاة تجنب اللحوم الحمراء قدر الإمكان.

السوائل والشراب

يُنصح بتجنب جميع المشروبات التي تحتوي على الكافيين أو المشروبات الغازية لمدة ٢٤ ساعة. يجب شرب الكثير من المياه المعدنية للمساهمة في ترطيب الجسم وتسهيل عملية إخراج السموم. كما يُمكن تناول الشاي الأخضر الذي يعتبر مفيداً لصحة الجسم بشكل عام.

النمط الحياتي

تجنب استخدام منتجات التبغ لمدة ٢٤ ساعة إن أمكن، حيث يساهم التدخين في تقليل فعالية الحجامة وتأثيرها الإيجابي على الجسم. كما يُنصح بتجنب ممارسة الرياضة أو النشاطات الجسدية الشاقة لمدة ٤٨ ساعة للسماح للجسم بالاسترخاء والتعافي.

النظافة والعناية

يُنصح بعدم استحمام أو غسل المنطقة المتعرضة للحجامة لمدة ٢٤ ساعة بعد الجلسة، حتى وإن تم تعقيم المنطقة بشكل جيد قبل وبعد الحجامة. يهدف ذلك إلى تجنب خطر حدوث العدوى والحفاظ على نظافة المنطقة المعالجة.

العناية الإضافية

لتعزيز عملية الشفاء، يُنصح بوضع زيت الزيتون على المنطقة المتعرضة للحجامة مرتين يوميًا لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع. يحتوي زيت الزيتون على خصائص مضادة للالتهابات ومطهرة تساعد في تخفيف الاحمرار وتعزيز عملية شفاء الجلد.

باتباع هذه الإرشادات، يمكن تحقيق أفضل نتائج الحجامة وضمان التعافي السليم والسريع بعد الجلسة. تعتبر هذه الخطوات جزءاً أساسياً من رعاية الصحة الشخصية بعد إجراء الحجامة.

الآثار الجانبية والأضرار المحتملة للحجامة

على الرغم من أن الحجامة تُعتبر إحدى طرق العلاج الآمنة والفعّالة، إلا أنها قد تُظهر بعض الآثار الجانبية والمضاعفات التي يجب أخذها في الاعتبار:

المضاعفات المحتملة

لضمان الحصول على فوائد الحجامة بدون مضاعفات، يجب أن يتم إجراءها بواسطة متخصص مؤهل وفي بيئة نظيفة ومعقمة. كما يُنصح بمراقبة الأعراض بعد الجلسة والتواصل مع الطبيب في حال ظهور أي تغيرات غير متوقعة في الصحة.

فوائد الحجامة للنساء وتأثيرها على الحمل

دراسات سريرية ونتائجها

تُظهر الدراسات السريرية أن الحجامة تمثل إحدى الطرق البديلة المبتكرة في علاج العقم لدى النساء. دراسة أُجريت في مستشفى الملك عبد العزيز بين سنوات ٢٠١٣ و٢٠١٥ استهدفت تقييم فعالية الحجامة الرطبة كعلاج للعقم. شملت الدراسة ٥٠ امرأة تتراوح أعمارهن بين ٢٠ و٥٠ عامًا، وكانت معظمهن يعانين من مدة عقم تتراوح بين سنة إلى ٢٢ سنة.

نتائج الدراسة كانت مشجعة حيث حدث الحمل لدى ١٢ امرأة من المشاركات بعد العلاج بالحجامة، وتم تحقيق حمل ناجح بعد جلسة أو جلستين فقط من الحجامة لدى ٧ منهن. بالإضافة إلى ذلك، لوحظت تغيرات كبيرة في مستويات الهرمونات التناسلية للنساء قبل وبعد الحجامة، مما يشير إلى تأثير إيجابي على التوازن الهرموني وبالتالي على فرص الحمل.

الحجامة للرجال وتحسين الخصوبة

تمثل الحجامة أيضًا خيارًا مبتكرًا لعلاج العقم وتحسين الخصوبة لدى الرجال. دراسة حالة لذكر يعاني من العقم والقذف المبكر أوضحت فوائد الحجامة الرطبة في تحسين حالته. المريض، البالغ من العمر ٣٢ عامًا، كان يعاني من العقم لمدة ٧ سنوات وتم اختبار السائل المنوي قبل وبعد العلاج.

أظهرت النتائج تحسنًا ملحوظًا في عدد الحيوانات المنوية وحركتها بعد الحجامة. تم تطبيق العلاج على الرجل بجلسات حجامة الرطبة في تسع نقاط على العمود الفقري مرتين في الشهر، بينما خضعت زوجته للحجامة مرة واحدة شهريًا. وكانت النتيجة إيجابية حيث حدث الحمل بعد شهرين فقط من بداية العلاج بالحجامة، مما يُظهر فعالية الحجامة في تحسين فرص الحمل للأزواج.

بالرغم من أن نتائج هذه الدراسات إيجابية، إلا أنه يتطلب المزيد من البحث والدراسات لتأكيد تأثير الحجامة كعلاج للعقم بشكل عام. تظل الحجامة خيارًا آمنًا وفعّالًا في العديد من الحالات، ولكن يُنصح بالتشاور مع متخصص مؤهل قبل اتخاذ قرار العلاج بها لضمان تحقيق أفضل النتائج وتجنب أي مضاعفات محتملة.

الأحاديث والمقولات حول الحجامة

حكم الحجامة في السنة النبوية

تجدر الإشارة إلى أن الحجامة تحظى بدعم شرعي واسع في التقاليد النبوية، فقد روى ابن ماجه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما مررت ليلة أسري بي بملأ إلا قالوا: يا محمد، مُر أمتك بالحجامة." وأكد الأرنؤوط صحة هذا الحديث بشواهده.

الأجر والثواب للحجامة

في صحيحي البخاري ومسلم، نجد حديثاً عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحاجم أجرًا، مما يدل على تشجيعه على هذا العلاج التقليدي وإثمان فعله.

أفضل أيام الحجامة وفوائدها الصحية

وفقاً لسنن أبي داود، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من احتجم لسبع عشرة، أو تسع عشرة، أو إحدى وعشرين، كانت شفاء من كل داء." يشير هذا الحديث إلى الأيام المفضلة لإجراء الحجامة وتأثيرها الإيجابي على الصحة العامة.

الحجامة تحدياً للطب الحديث

إضافة إلى الأحاديث الشريفة، تعد الحجامة تحدياً للطب الحديث، إذ ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح البخاري أن الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، مما يؤكد على فعالية الحجامة كإحدى أساليب العلاج التقليدية التي تعودت عليها الأمة.

وفي تعليقه على هذا الحديث، ذكر ابن القيم أن الأمراض الامتلائية يمكن أن تعالج بإخراج الدم إذا كانت دموية، وبالإسهال المناسب للأقسام الثلاثة الباقية، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه إلى فوائد العسل كمسهل، وإلى الحجامة كعلاج للفصد والأمراض الأخرى.

باختصار، تظل الحجامة تقنية علاجية مبنية على أساس ديني قوي ومدعومة بتجارب تقليدية ثبت فعاليتها عبر العصور، مما يجعلها خياراً متميزاً وفعّالاً في علاج الكثير من الأمراض بما يتناسب مع الشريعة الإسلامية والتطبيقات الطبية الحديثة على حد سواء.

تعليقات