كتاب شمس المعارف

 

كتاب شمس المعارف

كتاب "شمس المعارف الكبرى" يعد من أكثر الكتب إثارة للجدل في تاريخ الأدب العربي،. يُعتبر هذا الكتاب موسوعة في علوم السحر والتنجيم والتصوف، ويحتوي على العديد من الوصفات والتعويذات السحرية التي يزعم أنها تمكن الشخص من تحقيق أهدافه بطرق غير تقليدية.

من هو البوني ؟

البوني، المعروف أيضاً بأبي العباس، هو شرف الدين أحمد بن علي بن يوسف البوني، الذي يُنسب إلى مدينة "بونة" في الجزائر الحالية. وُلد في تاريخ غير معروف، ويُرجح أن وفاته كانت في عام 622 هـ، في القرن الثالث عشر الميلادي.
قليلة هي المعلومات المؤكدة عن حياة البوني، وتقتصر عادة على الروايات والاعتقادات غير المؤكدة. يُعتقد أنه درس قراءات القرآن الكريم في تونس، وتخصص في علوم النحو والمنطق والبلاغة، بالإضافة إلى علوم الأسماء والإشارات. وتعتبر هذه العلوم اللغوية والإشاراتية أساسًا لتأليفاته الفكرية.
تشير الروايات إلى أن البوني كان ينتمي إلى مذهب الإمام مالك، لكن هذا الأمر لم يخلُ من التشكيك، حيث يُذكر أحيانًا بأنه كان ينتمي إلى المذهب الشافعي. كما يُذكر أيضًا عن تنقلاته المتعددة بين البلدان الإسلامية، حيث سافر إلى القاهرة ومكة وبيت المقدس وبغداد ومصر وتونس، حيث عاش وعمل بالتدريس والوعظ.
يُذكر عن البوني أنه كان شخصًا ورعًا، ملتزمًا بالعبادات والصوم، وكان يُفضل العزلة والانعزال عن الناس. لم يكن له أولاد، ولم يتبعه أتباع بل كان يفضل الابتعاد عن التبعية لأحد.
بالرغم من القلة من المعلومات الثابتة عن حياة البوني، فإن تأليفاته الفكرية واللغوية تظل محط اهتمام العديد من الباحثين والدارسين.
هل حقًا كتب البوني "شمس المعارف الكبرى"؟
1. نسب الكتاب إلى البوني:
يُنسب الكتاب بشكل عام إلى أحمد بن علي البوني، وهو عالم جزائري عاش في مدينة بونة (حاليًا عنابة في الجزائر). كان البوني معروفًا بعلمه في التصوف والروحانيات وكتب العديد من الأعمال في هذا المجال، لكن "شمس المعارف الكبرى" هو الأكثر شهرة وجدلًا.
2. محتوى الكتاب:
يتألف "شمس المعارف الكبرى" من أربعة أجزاء ويحتوي على مجموعة واسعة من المعلومات عن السحر، الأوفاق، الطلسمات، واستحضار الجان. يغطي الكتاب مواضيع متعددة تشمل الفلك، الكواكب، الأحرف، الأرقام، وأيام الأسبوع، وكيفية استخدام هذه العناصر في السحر والتنجيم.
3. الجدل حول الكتاب:
المحتوى السحري: الكتاب يشمل وصفات سحرية وتعاويذ تستخدم لاستحضار الجن والتأثير على الأحداث والأشخاص، مما جعله مثيرًا للجدل بشدة، خصوصًا في المجتمعات الإسلامية التي تحرّم مثل هذه الممارسات.
الأصالة والتأليف: هناك نقاش حول ما إذا كان البوني هو المؤلف الحقيقي لهذا الكتاب. بعض الباحثين يشككون في نسبته إلى البوني بسبب الاختلاف في الأسلوب والمحتوى مقارنةً بأعماله الأخرى.
التأثير الثقافي: "شمس المعارف الكبرى" أثر بشكل كبير في الثقافة الشعبية في العديد من البلدان الإسلامية، حيث يُعتبر مرجعًا في السحر والشعوذة، لكن هذا التأثير لم يكن دائمًا إيجابيًا، إذ استُخدم في كثير من الأحيان لأغراض غير أخلاقية.
4. آراء المؤرخين والباحثين:
بعض المؤرخين والباحثين يرون أن البوني لم يكتب "شمس المعارف الكبرى" بشكل كامل، بل ربما كتب أجزاء منه أو تمت إضافة نصوص لاحقًا من قبل آخرين. هذا يفسر التباين في الأسلوب والمحتوى بين "شمس المعارف الكبرى" وأعمال البوني الأخرى.
5. التأثير والانتشار:
رغم الجدل، يبقى "شمس المعارف الكبرى" واحدًا من أشهر الكتب في مجاله. وقد ترجم إلى عدة لغات وانتشر في مناطق مختلفة، مما زاد من شعبيته وتأثيره.
على الرغم من الجدل المستمر حول أصالة الكتاب ونسبته إلى البوني، يظل "شمس المعارف الكبرى" واحدًا من أكثر الكتب إثارة للجدل في تاريخ الأدب العربي. سواء كتب البوني هذا الكتاب بالكامل أو تم تعديله وإضافة أجزاء منه من قبل آخرين، فإن تأثيره الكبير على الثقافة الشعبية والممارسات السحرية لا يمكن إنكاره.

شمس المعارف الكبرى: لغزه وغموضه وخطورته وتحريمه بالإجماع

يُعَدُّ كتاب "شمس المعارف الكبرى" من أكثر الكتب إثارة للجدل والخوف في العالم العربي والإسلامي. هذا الكتاب الذي يحمل عنواناً كاملاً "شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف" يُنسب إلى أحمد بن علي البوني، المتوفى في القرن السابع الهجري، ويُعتقد أنه يحتوي على مجموعة من التعليمات السحرية والتعويذات التي تُثير الفضول والقلق على حد سواء.

لغز الكتاب وغموضه

يحيط بكتاب "شمس المعارف الكبرى" هالة من الغموض والأساطير، مما يجعله موضوعًا مثيرًا للاهتمام والبحث. يُقال إن الكتاب يحتوي على أسرار سحرية وتعويذات قادرة على تسخير الجن والتأثير على العالم المحيط. هذا الغموض يجعل الكتاب محط اهتمام الكثيرين من الباحثين عن المجهول والراغبين في اكتشاف خفايا العالم الروحي. يزداد الغموض تعمقاً بسبب الحكايات التي تدور حول مؤلفه البوني، والذي يُصور تارةً كساحر يتعامل مع الشياطين، وتارةً أخرى كصوفي زاهد يمتلك كرامات عظيمة.

خطورته وتحريمه بالإجماع

على الرغم من الجاذبية الكبيرة التي يتمتع بها الكتاب، فإن قراءته والتعامل معه تعتبر محظورة بشكل قاطع من قبل معظم علماء المسلمين. يعود ذلك إلى أن محتواه يتعارض مع التعاليم الإسلامية، حيث يتضمن تعليمات وطقوس تُعد من السحر المحرم شرعًا. يعتبر العلماء أن قراءة هذا الكتاب والعمل بما فيه يُعتبر شركًا بالله وانحرافًا عن الدين. هذا الموقف الحازم يعكس خطورة الكتاب وتأثيره السلبي المحتمل على العقيدة الإسلامية.
 

الروايات والقصص المثيرة للجدل

تنتشر حول "شمس المعارف الكبرى" العديد من القصص والروايات التي تضفي عليه طابعاً أسطورياً. من بين هذه الروايات، تُذكر قصة أن البوني كان مولعاً بحضارة مصر القديمة، وأنه خلال إحدى زياراته لمعبد في صعيد مصر، عثر على برديات تحتوي على وصفات سحرية استخدمها قدماء المصريين لتسخير الجن. يُقال أن البوني جمع هذه البرديات وأدرجها في كتابه، مما يعزز الطابع الغامض والأسطوري للكتاب.
القصص الخيالية حول الكتاب لا تتوقف عند هذا الحد. في صفحات الإنترنت، تتناقل حكايات عن تأثيرات الكتاب السحرية الخارقة، مثل قدرته على استحضار الجن أو تحقيق الأمنيات. غالباً ما تكون هذه القصص مبالغ فيها أو مختلقة، لكنها تساهم في تعزيز الهالة الغامضة المحيطة بالكتاب وتجذب المزيد من الفضوليين والباحثين عن المجهول.

الاهتمام المستمر بالكتاب

على الرغم من التحذيرات الشرعية والمواقف الدينية الصارمة، يستمر "شمس المعارف الكبرى" في جذب الاهتمام. يعود ذلك إلى مزيج من الفضول الإنساني والرغبة في اكتشاف المجهول، بالإضافة إلى الطابع الغامض الذي يحيط بالكتاب. هذا الاهتمام يعكس توق الإنسان الدائم لفهم ما وراء العالم المادي واكتشاف الأسرار المخفية.
"شمس المعارف الكبرى" يظل أحد أكثر الكتب إثارة للجدل في تاريخ الأدب العربي. محتواه المثير للقلق، والغموض الذي يكتنفه، والروايات الأسطورية التي تحيط به، كلها عوامل تجعل منه موضوعاً لا ينتهي عند حد. ورغم الإجماع على تحريمه وخطورته، يبقى الكتاب مرجعاً مهماً للمهتمين بعالم السحر والعلوم الخفية، ومثالاً حياً على مدى تعقيد العلاقة بين المعرفة والفضول والخوف.

من مؤلفات البوني الشهيرة

تفتح هذه الأطروحة نافذة على غنى إنتاج البوني، فهو يعد من أبرز العلماء والمفكرين في عصره، ويظهر ذلك من خلال كمية كبيرة من المؤلفات التي تركها خلفه. يُذكر إبراهيم باشا البغدادي في كتابه "هدية العارفين" نحو 37 مصنّفاً من تأليف البوني، ومن بين هذه المؤلفات التي يذكرها البغدادي: "إظهار الرموز وإبداء الكنوز"، و"تنزيل الأرواح في قوالب الأشباح"، و"التوسلات الكتابية والتوجهات العطائية"، و"جواهر الأسرار في نواهر الأنوار"، و"خصائص سر الكريم في فضائل بسم الله الرحمن الرحيم"، وغيرها.
وعلى الرغم من غزارة إنتاجه، فإن معظم هذه المؤلفات مفقودة، وهناك شكوك حول صحة النُسخ المتوفرة حالياً من مؤلفاته. على سبيل المثال، "شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف"، واحدة من أشهر أعماله، تثير تساؤلات كثيرة حول صحة نسخها الحالية. الطبعة المعروفة والمنتشرة حالياً من الكتاب تعود إلى عام 1986، وهي طبعة المطبعة الشعبية في بيروت، تتكون من أربعة أجزاء في مجلد واحد، وتحوي حوالي 600 صفحة، ومقسمة إلى 40 فصلاً. وتُعد هذه الطبعة مرجعاً رئيسياً لدراسة الكتاب، لكن ما يثير الشكوك هو مدى دقة النسخ المتوفرة ومدى اتساقها مع المخطوطات الأصلية.
تتنوع محتويات الفصول في "شمس المعارف الكبرى"، حيث يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع: الفصول ذات المحتوى الفلكي والرياضي، الفصول التي تناقش المسائل اللغوية وعلوم أسرار الحروف، الفصول ذات الصبغة الصوفية والروحية، وأخيراً الفصول التي تحتوي على الطلاسم والأسحار الغامضة.
باستناد إلى هذه المعلومات، يظهر أن البوني كان شخصية فكرية متعددة المواهب، تجمع بين العلوم الدينية والعقلية والصوفية، وتركت إرثاً ثقافياً هائلاً لا يزال يثير الاهتمام والتساؤلات في العصور اللاحقة.

شمس المعارف الكبرى: نتاج عدة أجيال من الغموض والتأليف

يعد كتاب "شمس المعارف الكبرى" واحداً من أكثر الكتب المثيرة للجدل والغموض في التراث العربي الإسلامي. تُنسب تأليفه إلى أحمد بن علي البوني، الشخصية الصوفية التي عاش في القرن السابع الهجري/الثالث عشر الميلادي. ومع ذلك، فإن العديد من الدراسات الحديثة تشير إلى أن النسخة المتداولة من هذا الكتاب قد تكون قد كتبت بعد وفاته بفترة طويلة، مما يضيف طبقة جديدة من الغموض حول أصل هذا العمل وتأثيره.

إنتاج متأخر لنصوص قديمة

تُظهر الدراسات الحديثة، مثل الدراسة التي أشرف عليها نوح غاردنر بعنوان "المعرفة المحرمة.. ملاحظات حول إنتاج، ونقل، واستقبال أعمال أحمد البوني"، أن المخطوطة المتوفرة من كتاب "شمس المعارف الكبرى" ربما تم إنتاجها في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي، أي بعد وفاة البوني بنحو خمسة قرون. وهذا يشير إلى أن النصوص التي نقرأها اليوم قد تكون خضعت لتحولات وتعديلات كبيرة عبر العصور، حيث تمت إعادة نسخها وتحريرها بواسطة أجيال مختلفة من النساخ والعلماء.

انتقال التعاليم واستمرار الشعبية

يشير غاردنر إلى أن تعاليم البوني لم تنتقل بشكل مباشر، بل كانت هناك سلسلة من التعليقات والشروحات التي ساعدت في الحفاظ على استمرارية أعماله. ومن بين هؤلاء المعلقين عبد الرحمن البسطامي الأنطاكي، الذي كتب تعليقات على كتاب آخر للبوني وهو "اللمعة النورانية". البسطامي، الذي عاش في القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، كان له دور كبير في ترويج أفكار وتعاليم البوني. وُلد البسطامي في أنطاكية، وتعلم في القاهرة، وتوفي في بروسة (بورصة الحالية في تركيا)، وكان متصوفاً ومؤرخاً بارزاً.

التعليقات والشروحات

تعليقات البسطامي على أعمال البوني، وخاصة "اللمعة النورانية"، كانت جزءاً من عملية نقل المعرفة والتعاليق التي ساهمت في الحفاظ على شهرة أعمال البوني. هذه التعليقات لم تكن مجرد شروحات بل كانت تحليلات معمقة زادت من فهم محتوى الكتاب وأعطته أبعاداً جديدة، مما ساعد في ترويج وتعزيز مكانة البوني بين الأجيال اللاحقة.

التفاعل الثقافي والديني

كتاب "شمس المعارف الكبرى" لم يكن مجرد نص يتناول السحر والشعوذة، بل كان أيضاً نتاجاً لتفاعل ثقافي وديني معقد. خلال العصور الوسطى، كان هناك اهتمام كبير بالعلوم الباطنية والسحرية في العالم الإسلامي، وكان العلماء والصوفيون يبحثون عن فهم أعمق للوجود من خلال دراسة الحروف والأسماء الإلهية. هذا السياق الثقافي والديني ساهم في تعزيز مكانة كتب البوني، وجعلها موضوعاً للبحث والدراسة عبر العصور.

أحمد البوني في نظر ابن خلدون ومصادر أخرى

أحمد بن علي البوني، الشخصية المثيرة للجدل والتي يعود الفضل إليها في تأليف كتاب "شمس المعارف الكبرى"، يجد نفسه في موضع نقد وجدل دائمين. يُرجع الباحث الجزائري "عبديش براهيم" ندرة ورود اسم البوني في مصادر التاريخ إلى أن أغلب كتب الطبقات ورجال المالكية أغفلوا ذكره بسبب اتهامهم له بممارسة السحر والشعوذة، رغم وجود تصانيف دينية منسوبة إليه مثل "تحفة الأحباب ومنية الأنجاب في سر بسم الله وفاتحة الكتاب" و"فصول في التفسير".

غياب ذكر البوني في كتب السير الذاتية

واحدة من الإشكاليات الكبيرة في دراسة البوني هي غياب اسمه عن معظم كتب السير الذاتية. استثناءً لذلك، يورد تقي الدين المقريزي ترجمة له، بينما يشير شيخ المؤرخين الجزائريين الدكتور أبو القاسم سعد الله في موسوعة "تاريخ الجزائر الثقافي" إلى وجود بوني آخر، هو أحمد بن قاسم ساسي البوني، المتصوف المولود في عنابة في القرن الحادي عشر الهجري، والذي ينتمي إلى أسرة ذات نفوذ روحي في تلك الأنحاء. بالإضافة إلى ذلك، هناك بوني ثالث هو عبد الملك مروان بن علي البوني، صاحب كتاب "تفسير الموطأ" الذي يشرح مُسند الإمام مالك بن أنس، مما يزيد من الالتباس حول شخصية أحمد بن علي البوني ومؤلفاته.

رأي ابن خلدون في البوني

في كتاب "العبر" لابن خلدون، يعرض المؤرخ وجهة نظره في علوم السحر والطلسمات، حيث يذكر في الفصل الثامن والعشرين أن هذه العلوم مهجورة من قبل الشرائع لما فيها من ضرر ولما يشترط فيها من التوجه إلى غير الله من كوكب أو غيره. يشير ابن خلدون في هذا السياق إلى علماء مثل جابر بن حيان، الذي وصفه بكبير السحرة، ومسلمة بن أحمد المجريطي. وفي الفصل التالي، يشير إلى "علم أسرار الحروف" ويصف أحمد البوني ومحيي الدين بن عربي بـ"الغلاة" من المتصوفة الذين يجنحون إلى كشف حجاب الحس.

فهم التداخل بين السحر والكيمياء

يمكن تفسير رأي ابن خلدون في البوني من خلال فهم التداخل الكبير الذي كان موجودًا في ذلك الوقت بين السحر والكيمياء القديمة. لم تكن الحدود بين هذين المجالين واضحة كما هي الحال اليوم. كانت الكيمياء تحمل طابعًا باطنيًا وغامضًا يشبه إلى حد كبير السحر، وهو ما يجعل التباس الأمر واردًا. الأنثروبولوجي الإنجليزي إدوارد تايلور أشار إلى هذا الالتباس باستخدام مصطلح "العلم الزائف"، مشيرًا إلى أن السحر كان يُعتبر وسيلة لتفسير العلاقة السببية بين الأشياء. كما أن تلميذه جيمس فريزر في دراسته "الغصن الذهبي" قال إنه إذا ما ثبت يوما أن السحر فعال، فإنه ليس بسحر وإنما علم.
يبقى أحمد البوني وشخصيته ومؤلفاته موضع جدل ونقاش في الأوساط العلمية والتاريخية. الغموض المحيط به وبأعماله يعكس تعقيدات الفكر والعلوم في تلك العصور، حيث كانت الفواصل بين العلم والسحر والدين متداخلة بشكل كبير. وعلى الرغم من الانتقادات والتحفظات التي أبداها علماء مثل ابن خلدون، فإن البوني يظل شخصية مؤثرة في التراث الصوفي والباطني الإسلامي.

فرضية اختلاف النسخ

من المرجح أن النسخة المتوفرة حاليًا من "شمس المعارف الكبرى" قد تكون بعيدة كل البعد عن النسخة الأصلية التي خطّها البوني في القرن السابع الهجري. يدعم هذا الفرضية الشكوك التي أثارها الباحث نوح غاردنر حول أسانيد الكتاب. غاردنر يرى أن العمل الذي اشتهر به البوني كُتب في القرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي، مما يعني أن المخطوطة المتوفرة لدينا قد خضعت لتحولات وتعديلات كبيرة عبر العصور.

مصطلح "جسد البونيين" وتفسيره

يشير غاردنر إلى مفهوم "جسد البونيين"، الذي يعني أن هناك مجموعة من العلماء والنسّاخ الذين أضافوا إلى مؤلفات البوني على مدى العصور، مما يعقد مسألة تتبع النص الأصلي. هذا يمكن أن يفسر لماذا يتناول الكتاب الحالي موضوعات سحرية وطلاسم، بينما قد تكون النسخة الأصلية للبوني متخصصة في تفسير حروف القرآن الكريم كما هي الحال في بعض كتبه الأخرى.

دراسة غاردنر وتأثيرها على فهم الكتاب

أحد الأدلة التي يقدمها غاردنر هي تعليقات عبد الرحمن البسطامي الأنطاكي على أعمال البوني، والتي ساهمت في استمرار شعبية هذه الأعمال عبر العصور. البسطامي، الذي عاش في القرن التاسع الهجري/الخامس عشر الميلادي، كان من المتصوفة وقدم شروحات وتعليقات على كتب البوني، مما ساعد في تعزيز استمرارية تأثيرها.
احتمالية النسخة الأصلية
بالنظر إلى شكوك غاردنر والنظرة التاريخية لابن خلدون، يمكن أن نستنتج أن النسخة الأصلية من "شمس المعارف الكبرى" قد لا تكون تحتوي على الطلسمات والوصفات السحرية التي نراها في النسخة الحالية. قد تكون النسخة الأصلية مركزة على تفسير الحروف القرآنية وعلم الحروف بشكل أعمق، بينما تمت إضافة الطلسمات والوصفات السحرية لاحقًا من قبل نسّاخ آخرين.
يبقى "شمس المعارف الكبرى" نصًا غامضًا ومعقدًا يعكس تداخل العلوم الباطنية والسحرية في التراث الإسلامي. التحليلات التاريخية والبحثية، مثل تلك التي قدمها نوح غاردنر، تقدم رؤية مختلفة تساعد في فهم كيفية تطور النصوص عبر العصور وكيفية تأثير التعديلات والإضافات عليها. ابن خلدون، بتصنيفه للبوني ضمن علماء الحروف، يضيف بُعدًا آخر لفهمنا لهذا الكتاب المثير للجدل.
القراءة المؤذية: هل هناك كتب تضر الإنسان؟ تعرف على أخطرها
القراءة والفضول هما وجهان لعملة واحدة تمثل حب المعرفة والاطلاع، ولكن في بعض الأحيان قد يكون الفضول مضراً، ويحول فعل القراءة إلى تدمير ذاتي يشبه الدخول في حقل ألغام دون معرفة كيفية تجنب الخطر. على مر العصور، عرفت الإنسانية العديد من الكتب التي وصفت بحقول الألغام الفكرية، تلك التي لا يمكن لخبراء المفرقعات أو فرق الإنقاذ السريعة أن تنقذ منها. هذه الكتب تجعل عقل القارئ أسيرًا لمحتوياتها.

محتوى الكتاب

يتألف "شمس المعارف الكبرى" من أربعة أجزاء تحتوي على 40 فصلاً، يمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع رئيسية:
الفصول الفلكية والرياضية: مثل فصل "في أحكام منازل القمر".
الفصول اللغوية وعلوم الحروف: مثل "في اسم الله الأعظم وما له من التصريفات الخفية".
الفصول الصوفية والروحية: مثل "في الخلوة وأرباب الاعتكاف الموصلة للعلويات".
الفصول السحرية والطلسمات: مثل "في خواص بعض الطلسمات النافعة".

التحريم والخطورة

تم تحريم قراءة وامتلاك "شمس المعارف الكبرى" في العديد من الدول الإسلامية بسبب محتواه الخطير. الكتاب يحتوي على تعليمات ووصفات لتحضير الجن وتنفيذ الطلسمات، وهو ما يعتبر تهديدًا للأمن الروحي والنفسي للقارئ. علماء المسلمين يعتبرون الكتاب محرّمًا لأنه يتضمن محتويات تتعارض مع التعاليم الدينية وتروج للسحر والشعوذة.

الأبحاث والجدل حول الكتاب

الكتاب لم يكن فقط موضوع تحريم ديني، بل أثار أيضًا اهتمام الباحثين. نوح غاردنر، الباحث في قسم دراسات الشرق الأدنى بجامعة ميشيغان، يعتقد أن النسخة المتوفرة من "شمس المعارف الكبرى" تم إنتاجها في القرن السابع عشر الميلادي، أي بعد وفاة البوني بنحو 500 عام. هذا يشير إلى أن الكتاب الحالي قد يكون نتيجة تعديلات وإضافات عبر القرون، مما يزيد من غموضه وتعقيده.
يبقى هذا الكتاب محاطًا بالجدل والخوف. بين التحريم الديني والفضول البشري، يظل هذا الكتاب أحد أخطر الأعمال التي يمكن للإنسان أن يقرأها. الغموض المحيط بمؤلفه ومحتواه يجعله موضوعًا شيقًا للبحث والنقاش، ولكنه أيضًا تذكير بمدى تأثير القراءة على العقل والروح. القراءة قد تكون فعلًا نبيلًا ومثمرًا، ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن تكون خطيرة ومدمرة.

كتاب العزيف (النيكرونوميكون)

يعتبر "العزيف" أو "النيكرونوميكون" أحد أخطر الكتب في تاريخ البشرية. يقال إن مؤلفه عبد الله الحظرد، المعروف أيضًا بـ"العربي المجنون"، كتبه في القرن الثامن الميلادي. يزعم الكتاب أنه يتحدث عن الكيانات القديمة التي وجدت قبل خلق الإنسان وتاريخهم وكيفية الاتصال بهم.

محتوى الكتاب

"العزيف" يحتوي على الكثير من التعاويذ السحرية والطلاسم، ورسوم توضح الجن والمخلوقات الغريبة التي يُعتقد أنها عاشت قبل الإنسان وكيفية استحضارها. تزداد خطورة الكتاب من خلال الشائعات التي تقول إن غلافه وصفحاته مصنوعة من جلد الإنسان، وأنه كتب بالدم بدلاً من الحبر.

الأساطير المحيطة بالكتاب

الكتاب محاط بالعديد من الأساطير المرعبة. يُقال إن قراءة الكتاب أو حتى مجرد امتلاكه يمكن أن تجلب الجنون والموت لصاحبه. بسبب هذه السمعة المرعبة، أصبح "العزيف" موضوعًا شائعًا في ثقافة البوب وأدب الرعب.

كتاب الموت الرحيم

"الموت الرحيم" هو كتاب من تأليف جيمس هاردن، ويتناول موضوعات تتعلق بالانتحار. تكمن خطورة هذا الكتاب في الأفكار التي يطرحها حول الانتحار، حيث يشرح بطرق مفصلة العديد من الأساليب التي يمكن استخدامها لإنهاء الحياة. يتضمن الكتاب أكثر من 90 نوعًا من السموم الفكرية وكيفية صناعتها.

تأثير الكتاب

الكتاب تسبب في انتحار العديد من الأشخاص حول العالم، ولهذا تم منعه في العديد من الدول نظرًا لما يحتويه من أفكار هدامة. المؤلف يزرع ألغامًا فكرية عبر تقديم الانتحار كحل ممكن لمشاكل الحياة، مما يجعله خطرًا على القراء الذين قد يكونون في حالة نفسية هشة.
كما تم تناول سابقًا، "شمس المعارف الكبرى" لأحمد بن علي البوني هو كتاب مشهور يتناول الشعوذة والسحر وطرق تحضير الجن. الكتاب محظور في العديد من الدول الإسلامية نظرًا لمحتواه الخطير الذي يروج للسحر الأسود والشعوذة.

محتوى الكتاب

الكتاب يتكون من 40 فصلاً، يتناول موضوعات متنوعة من الفلك وعلوم الحروف إلى الطلاسم والتعاويذ السحرية. هذه المحتويات تجعل الكتاب خطيرًا على القراء، خاصة أولئك الذين قد يحاولون تطبيق ما يحتويه من تعاويذ ووصفات.
هذه الكتب الثلاثة تشترك في كونها تحوي أفكارًا ومحتويات يمكن أن تكون ضارة جدًا للقارئ. بينما توفر القراءة نافذة إلى عوالم جديدة ومعرفة عميقة، فإن بعض الكتب، مثل "شمس المعارف الكبرى" و"العزيف" و"الموت الرحيم"، تحمل في طياتها مخاطر قد تؤدي إلى الجنون أو الانتحار أو الانغماس في الشعوذة والسحر. من هنا تأتي أهمية الوعي والتحذير من مخاطر بعض النصوص التي قد تكون أكثر ضررًا من نفعها.

تحريم قراءة "شمس المعارف الكبرى" في الإسلام

يعتبر الدين الإسلامي كتاب "شمس المعارف الكبرى" من كتب تعليم السحر، وعلى هذا، فإن قراءة هذا الكتاب أو الاطلاع عليه، أو بيعه أو شراؤه، محرم في الشريعة الإسلامية. السحر في الإسلام يُعد من المحرمات الشديدة، بل هو من السبع الموبقات (المهلكات)، ومنه ما يُعد كفراً بالإجماع. الإسلام يحرم تعاطي السحر، وطلبه، وتصديق أهله، نظراً لما فيه من ضرر على العقيدة والأخلاق والمجتمع.

سعر النسخة الأصلية من "شمس المعارف الكبرى"

النسخة الأصلية من كتاب "شمس المعارف الكبرى" نادرة للغاية، ولا توجد في أي مكان مؤكد. النسخ الحالية المتوفرة في الأسواق غالبًا ما تكون منقحة، حيث تم حذف الكثير من الطلاسم والكلمات منها لتقليل الضرر المحتمل. ومع ذلك، يُدَّعى أن هناك طبعة بيروت الأصلية متاحة لدى بعض البائعين، ويُباع هذا الكتاب بمبلغ حوالي 11 دولار أمريكي.

التحذير من نشر الكفر والسحر

نحن لا ندعم ولا نساعد في نشر الكفر أو السحر، ولذلك لا نقدم روابط أو طرق للحصول على الكتاب. من المهم أن يتحلى الجميع بالحذر وأن يلتزموا بالتعاليم الدينية والأخلاقية التي تحميهم من الانغماس في أمور قد تضرهم دينياً ونفسياً. المعرفة والاطلاع مهمان، ولكن يجب أن يتم ذلك بحذر ووعي بما يمكن أن يكون ضارًا وخطيرًا.

تعليقات